للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تنازع الفقهاء في الصلاة في الكنيسة، وقال البخاري: قال ابن عباس: "لا بأس في الصلاة في الكنيسة" (١)، وقيل: يكره مطلقاً، وقيل: يرخص فيها، والصحيح أنه إن كان فيها تماثيل كانت بمنزلة المساجد المبنية على القبور، وبمنزلة دار الأصنام، فالمصلي فيها مشابه لمن يعبد غير الله، وإن كانت [نيته] (٢) الصلاة لله، كما أن المصلي عند طلوع الشمس وعند غروبها لما شابه من يعبد غير الله نُهي عن ذلك سداً للذريعة، وأيضاً فالملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، فكيف يصلّي فيه؟ ولهذا لم يدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - الكعبة حتى أزيلت الصور، بخلاف الكنيسة التي لا صور فيها، فإن قيل: تكره لكونها محل الكفر، قيل: الصلاة في محل الكفر بمنزلة فتح دار الكفر فجعلها دار إسلام؛ وبمنزلة صلاة المسلمين في دار الحرب، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثقيفاً أن يتخذوا. مسجدهم موضع بيت اللات (٣) بعد هدم اللات، وكانوا يسمونها الربة.


= أنت وأصحابك، وهو رجل من عظماء النصارى، فقال عمر: " ... الأثر"، ووصله ابن حجر في تغليق التعليق ٢/ ٢٣٢ تحقيق سعيد عبد الرحمن القزقي، الناشر المكتب الإسلامي بيروت - لبنان، ودار عمار عمان - الأردن.
(١) أخرجه البخاري في الموضع السابق ١/ ١٥٥، ولفظه: "وكان ابن عباس يصلي في البيعة إلا بيعة فيها تماثيل"، قال ابن حجر في فتح الباري ١/ ٧٠٠: وصله البغوي في الجعديات وزاد فيه: فإن كان فيها تماثيل خرج فصلى في المطر.
ومذاهب العلماء في هذه المسألة على ثلاثة مذاهب كما ذكر المؤلف أعلاه، وهي: المنع مطلقاً، وقال به الإمام مالك وبعض الشافعية، والإذن مطلقاً، وقال به ابن حزم في المحلى وبعض أصحاب الإمام أحمد، والثالث: المنع من الصلاة في الكنيسة أو البيعة إذا كان فيها صورٌ أو تماثيل، وقال به جمع من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - والتابعين ورجحه المؤلف، وهو الراجح، والله أعلم.
انظر: المحلى، تأليف أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ٤/ ٨١ (طبعة المكتب التجاري بيروت - لبنان)، والفتاوى الكبرى لابن تيمية ١/ ١١٥ (الطبعة الأولى ١٤٠٧ هـ الناشر دار القلم بيروت - لبنان)، وفتح الباري لابن حجر ١/ ٦٩٩ - ٧٠٠.
(٢) كذا في (د) و (ح) وفي الأصل و (ف) (نية).
(٣) أخرجه أبو داود في (كتاب الصلاة، باب في بناء المساجد) رقم ٤٥٠، ١/ ٣١١ من حديث عثمان بن العاص ولفظه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كان طواغيتهم"، وابن ماجه في (أبواب المساجد، باب أين يجوز بناء المساجد) رقم ٧٢٨ =

<<  <   >  >>