للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكفانا، فإنه يقال له: لا نسلم أن الاستغاثة بهم مشروعة في كل ما يستغاث فيه بالله، ولا أنها وسيلة من وسائل الله في ذلك كله، بل سلمنا أن الاستغاثة بالحي فيما يقدر عليه قد نكون سبباً وقد لا تكون، فإن الناس يستغيثون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة في الشفاعة فيشفع لهم، ويستغيث به من أنذره في دفع الذنوب فيقول: "لا أملك لك من الله شيئاً" كما في الحديث الصحيح، "لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك (١) شيئاً قد أبلغتك".

وليس كل من طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يقدر عليه يعطيه إياه؛ إذ قد يكون ذلك غير جائز، كما في الصحيح أنه سأله الفضل بن عباس وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أن يوليهما على الصدقات فلم يجبهما وقال: "إنها أوساخ الناس، وإن الصدقة لا تحل لمحمد و [لا] (٢) لآل محمد" (٣).

وكذلك سأله وفد هوازن السبي والمال فبذل لهم إحدى الطائفتين، وسألته أم حبيبة أن يتزوج أختها فقال: "إنها لا تحل لي" (٤).

بل يقال: لا نسلم أن التوسل، بذاتهم مشروعة بحال في الحياة والممات، وليس في شيء مما ذكر دليل على مورد النزاع، فإن مضمون ما ذكره جُملٌ:

أحدها: أن الاستغاثة طلب الإغاثة والتخلص من الكربة والشدة، وأن


(١) في (د) زاد (من الله).
(٢) كذا في (ف) و (د) و (ح)، وسقطت من الأصل.
(٣) أخرجه مسلم في (كتاب الزكاة، باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة) ٢/ ٧٥٢ رقم ١٠٧٢، وأبو داود في (كتاب الخراج والإمارة، باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى) / ٣٨٦ رقم ١٩٨٥، والنسائي في (كتاب الزكاة، باب استعمال آل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصدقة) ٥/ ١٠٥ رقم ٢٦٠٧ وغيرهم بألفاظ متقاربة وقريبة جداً من لفظ المؤلف.
(٤) أخرجه البخاري في (كتاب النكاح، باب ما يحل من النساء وما يحرم) رقم ٦١٠٦، ٤/ ١٦٤٥ من حديث أم حبيبة، وطرفه ٥١٠٧ ولفظه عن أم حبيبة قالت: قلت يا رسول الله، هل لك في بنت أبي سفيان؟ قال: "فأفعل ماذا"، قلت: تنكح، قال: "أتحبين"؟ قلت: لست لك بمُخلية، وأحب من شركني فيك أختي، قال: "إنها لا تحل لي" ... الحديث. وأم حبيبة هي، أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان -رضي الله عنهما-.

<<  <   >  >>