تكلم فيه صاحبه بالاجتهاد، وقد أجمع المسلمون على أن مسائل الاجتهاد لا تدخل في السبِّ الذي يستحق صاحبه الوعيد.
[٢٢ - رد على البكري على استشهاد ابن تيمية بحديث لا يستغاث بي]
قال البكري: (وأورد هذا الرجل حديثاً أن منافقاً كان يؤذي المؤمنين، فقال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: قوموا بنا نستغيث برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله"، قال: والكلام على هذا الكافر الضال من وجوه، الأول: عدم تسليم صحة الحديث له إلى آخر كلامه) (١).
[* رد ابن تيمية]
قال الشيخ: والجواب عن هذا الكلام -مع ما فيه من الجهل والإلحاد والشرك في الدين والافتراء على الله والرسول وعباده المؤمنين- أن يقال: هذا الخبر لم يذكر للاعتماد عليه، بل ذكر في ضمن غيره ليتبين أن معناه موافق للمعاني المعلومة بالكتاب والسنة، كما أنه إذا ذكر حكم بدليل معلوم ذُكِرَ ما يوافقه من الآثار والمراسيل وأقوال العلماء وغير ذلك من الاعتضاد والمعاونة، لا لأن الواحد من ذلك يعتمد عليه في حكم شرعي.
ولهذا كان العلماء متفقين على جواز الاعتضاد والترجيح بما لا يصلح أن يكون هو العمدة؛ من الأخبار التي تُكلم في بعض رواتها لسوء حفظ أو نحو ذلك، وبآثار الصحابة والتابعين، بل بأقوال المشايخ والإسرائيليات والمنامات مما يصلح للاعتضاد، فما يصلح للاعتضاد نوع وما يصلح للاعتماد نوع، وهذا الخبر من النوع الأول فإنه رواه الطبراني في معجمه من حديث ابن لهيعة، وقد قال أحمد:"قد كتبت حديث الرجل لأعتبر وأستشهد به مثل حديث ابن لهيعة"، فإن عبد الله بن لهيعة قاضي مصر كان من أهل العلم والدين باتفاق العلماء ولم يكن ممن يكذب باتفاقهم، ولكن قيل إن كتبه احترقت فوقع في بعض حديثه غلط، ولهذا فرقوا بين من حدَّث عنه قديماً و [بين من حدَّث عنه] حديثاً، وأهل السنن يروون له، والسياق الذي ذكر فيه