فلفظ الاستغاثة في الكتاب والسنة وكلام العرب إنما هو مستعمل بمعنى الطلب من المستغاث به، وقول القائل استغثت فلاناً واستغثت به معنى طلبت منه الإغاثة لا بمعنى توسلت به، فلا يجوز للإنسان الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله.
[١٩ - أهمية التوحيد]
التوحيد أصل كل خير وجماعه، والشرك أصل كل شر وجماعه.
والموجبتان:"من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار"(١)، ولهذا لما جمع -سبحانه وتعالى- بين ما أمر به وبين ما حرمه في قوله تعالى:{قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[الأعراف: ٢٩]، ثم قال تعالي: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} [الأعراف: ٣٣]، وأصل الكفر والشرك مخالفة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهؤلاء الجهال فيهم من الشرك ومخالفة الرسول ما لا خفاء به على المؤمن العليم، وهم فيه درجات منهم من يأتي بالشرك البيّن، والإنكار البيّن لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهذا يستتاب باتفاق الأئمة، ومنهم من هو مخطئ في دقيق ذلك، ومنهم من هو بين هذا وهذا إما فاسق وإما عاص.
[٢٠ - استعداء البكري للدولة]
وقوله:(لقد خشيت على كثير من أهل الإقليم بسبب تقاعدهم عن نصرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإهلاكه وإهلاك أمثاله خصوصاً أهل الدولة وأصحاب الحكم إلى آخره).
جواب ابن تيمية: فيقال: كنت قد أجبت على كلامه إلي هذا الموضع واتفقت أمور شغلت عن تمام ذلك حتى أنزل الله بأسه بهذا الجاهل الظالم
(١) أخرجه مسلم في "كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة" ١/ ٩٤ رقم ٩٣ ولفظه: " ... لا يشرك بالله ... "، وأخرج مسلم الشطر الأول في "كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة مطلقاً ١/ ٥٥ رقم ٢٦ بلفظه.