الأول: الاستغاثة بالنبي أو الرجل الصالح الحيين الشاهدين الحاضرين فيما لا يقدر عليه إلا الله -تعالى-؛ مثل غفران الذنوب وهداية القلوب، وشفاء المرض، والرزق والنصر على الأعداء، وغير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله -تعالى-، وهذه الاستغاثة من الشرك الأكبر الذي يخرج من الملة، وهذا شرك العرب في الجاهلية.
إلا أن هؤلاء قد يزيدون على شرك العرب في الجاهلية، أنهم يشركون أيضاً في توحيد الربوبية الذي أقرّ به مشركو العرب، الذين أقروا بأن الله خالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم، أما هؤلاء الغلاة فمنهم من لا يقبل الرزق إلا من شيوخهم.
وأيضاً فإن مشركي العرب يخلصون لله في الشدائد، وهؤلاء الغلاة يزدادون شركاً في الشدائد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الثاني: الاستغاثة بالميت سواء كان نبياً أو غير نبي، وحجتهم في ذلك تسويتهم بين حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومماته، كما سبق بيانه، واعتقاد بعضهم في شيوخهم أن لهم تصرفاً في الكون بعد الممات، واعتمدوا على حكايات مكذوبة لسدنة القبور ليأكلوا ما أموال الناس بالباطل.
الثالث: الاستغاثة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والرجل الصالح في حال غيبته، وهذا أيضاً لا يجوز، فإنه لا يسمع الاستغاثة ولا يعلم الغيب، وعمدة القائلين بجوازها حكايات لا تصح، فضلاً عن أن تكون دليلاً في الدين، منها: أن أحدهم استغاث بالله فلم يغثه، فاستغاث بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والشيخ الفلاني فأغاثه، وفرَّج كربته.
وقد تتمثل الشياطين بالمستغاث به إمعاناً في إضلال المستغيثين بهم، وتُحْضِر لهم بعض مطالبهم، وحصول مطالبهم يجعل هذه الأسباب مباحة، فإنه ليس كل ما كان سبباً كونياً يجوز تعاطيه ولو كان نافعاً.
فهذه أقسام الاستغاثة، عرف المسلمون الاستغاثة المشروعة، ولم يعرف القبورية إلا الاستغاثة الممنوعة، وجعلوها أصل دينهم.