والشفاعة المثبتة أنواع: الأولى: وهي العظمى، الخاصة بنبينا محمّد - صلى الله عليه وسلم - من بين سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وهي الّتي أشار إليها المؤلف بقوله: "يشفع للخلق يوم القيامة بعد أنَّ يسأله النَّاس ذلك" كما ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كنا مع النّبيّ في دعوة فرفعت إليه الذراع -وكانت تعجبه- فنهس منها نهسة، وقال: "أنا سيد النَّاس يوم القيامة، هل تدرون بم؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي وتدنو منهم الشمس، فيقول بعض النَّاس: ألَّا ترون ما أنتم فيه، إلى ما بلغكم؟ ألَّا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم، فيقول بعض النَّاس: أبوكم آدم، فيأتونه ... حتى يأتون محمدًا ... فيأتوني فاسجد تحت العرش، فيقال: يا محمّد ارفع رأسك واشفع تشفع وسل تعطه"، أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء باب قول الله -عَزَّ وَجَلَّ- {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} ٢/ ١٠٢٦ - ١٠٢٧ رقم ٣٣٤٠، وهذه الشفاعة في أن يفصل سبحانه بين النَّاس. والثّانية: الشفاعة في أقوام أن يدخلوا الجنَّة بغير حساب، كما في حديث السبعين ألفًا وسبق تخريجه. والثالثة: شفاعته - صلى الله عليه وسلم - في أقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم، فيشفع فيهم ليدخلوا الجنَّة. والرّابعة: الشفاعة في أقوام أمر بهم إلى النّار لا يدخلوها، وفي إخراجا الموحدين من النار. والخامسة: الشفاعة في رفع درجات من يدخل الجنَّة فوق ما كان يقتضيه ثواب أعمالهم، وهذا الذي وافقت عليه المعتزلة ونفت ما سواه. والسّادسة: شفاعته في تخفيف العذاب عمن يستحقه، كشفاعته في عمه أبي طالب. انظر: شرح الطحاوية ص ٢٢٩ - ٢٣٣، ولوامع الأنوار البهية للسفاريني ٢/ ٢٠٤ وما بعدها، وللتوسع. انظر: كتاب الشفاعة، تأليف عبد الرحمن بن مقبل بن هادي الوادعي ص ١٧ - ١٥٨، الطبعة الثّانية ١٤٠٣ هـ، الناشر مكتبة دار الأرقم - الكويت. (١) يشير المؤلِّف - رحمه الله - إلي النوع الرّابع من الشفاعة -كما في الفقرة السابقة- وقد تواترت الأدلة الشرعية على ثبوته، منها ما أخرجه البخاري عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يخرج قوم من النّار بشفاعة محمّد - صلى الله عليه وسلم - يسمين الجهنميين" (كتاب الرقاق، باب صفة الجنَّة والنار) ٤/ ٢٠٣٥ رقم ٦٥٦٦. (٢) (إليك) سقطت من (د). (٣) أخرجه البخاري في (كتاب الاستسقاء، باب سؤال النَّاس الإمام الاستسقاء إذا =