للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصوفية التي جرت لما قام عليهم غلام خليل (١) سنة بضع وستين ومائتين، وكتب منهم نحو سبعين نفساً، واتهمهم بالزندقة، فوضعوا منهم جماعة [في] (٢) الحبس، وسافر بعضهم، واختبأ بعضهم، وكان فيهم من هو مظلوم؛ ومنهم من هو متعبد، وكان غلام خليل فيه عبادة وزهد وفيه نوع قلة معرفة (٣) أيضاً، ولهذا يقال إنه كان يضع الأحاديث في الفضائل، وهذا قد بسطه أبو سعيد بن الأعرابي، وغيره ذكر ذلك مختصراً.

وذكر أبو سعيد أن [النوري] (٤) لما رجع مسألة أصحاب الجنيد عن الفرق الذي بعد الجمع ما علامته؟ وما الفرق بينه وبين الفرق الأول؟ قال: فسألوه عن هذا المعنى -لا أدري بهذا اللفظ أم بغيره إلا أني قد حفظت المعنى وأثبته-، قال: وكنت إذا مررت به بالرقة سنة سبعين (٥)، قال لي: من بقي من أصحابنا فأخبرته، فسألني عن جماعة، ثم سألني عن الجنيد وما يتكلم فيه ومن يجتمع إليه، فأخبرته؛ وقلت: إنهم يشيرون إلى شيء يسمونه الفرق الثاني والصحو، فقال لي: اذكر لي شيئًا منه؛ فذكرت له بعض ما كنت أظنه؛ فضحك، ثم قال: أي شي يقول (٦) في هذا ابن الجلحي (٧)؟ فقلت: [ما يجالسهم] (٨)، قال فأبو


(١) هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن غالب الباهلي البصري، غلام خليل، سكن بغداد، له جلالة عجيبة، وأمر بالمعروف، وصحة معتقد، إلا أنه يروي الكذب الفاحش، اعترف بوضع الحديث، لم يزل يقص ويحذر من الصوفية، ويغري بهم السلطان والعامة، حتى أُمر المحتسب بطاعة خليل فطلب القوم، وبث الأعوان في طلبهم، وكتبوا، فكانوا نيفاً وسبعين نفساً، واختفى عامتهم، وحبس منهم جماعة، وهرب النوري إلى الرقة.
مات سنة ٢٧٥ هـ وحمل إلى البصرة. انظر: السير ١٣/ ٢٨٢ ترجمة رقم ١٣٦، والبداية والنهاية ١١/ ٥٨.
(٢) كذا في (ف) و (د) و (ح)، وفي الأصل (بالحبس).
(٣) في الأصل و (ف) و (د) (ومعرفة)، وسقطت الواو من (ح) وهو الصواب.
(٤) النووي في جميع النسخ والصواب النوري بالراء.
(٥) أي سبعين بعد المائتين كما في السير ١٤/ ٧٥.
(٦) في (ف) تقول.
(٧) لم أجد له ترجمة، وفي السير للذهبي ١٤/ ٧٥: الخلنجي.
(٨) كذا في السير للذهبي ١٤/ ٧٥، وفي جميع النسخ ما أجالسهم، ولا يستقيم المعنى.

<<  <   >  >>