للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث قال: (إن الله تعالى ينزل المقربين منزلة نفسه تارة وينزل نفسه منزلتهم في الأفعال والأوصاف تارة)، فإن هذا كلام مخالف لدين المسلمين وسنبّين جهله وخطأه فيما تأوله على ذلك من القرآن والحديث.

فنقول: أما قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (١٠)} [الفتح: ١٠]، فليس فيها أن نفس الفعل القائم بالرسول ومخاطبته لهم ومد يده لمبايعتهم هو نفس فعل الله ومخاطبته ومبايعته، بل فيها أن من بايع الرسول فقد بايع الله كما قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠].

وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاني فقد عصّى الله ومن عصى أميري فقد عصاني" (١).

فطاعة أميره طاعته، ومعصية أميره معصيته، لأنه أمر بطاعة (٢) (أميره ونهى عن معصيته، وطاعته طاعة [لله] (٣) لأن الله أمر بطاعته) (٤) فمن أطاعه


= الناشر دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١١/ ٥ - ٧، ١٧ - ٢١، والتصوف المنشأ والمصادر، تأليف إحسان إلهي ظهير ص ٢٠ وما بعدها الطبعة الأولى ١٤٠٦ هـ، الناشر إدارة ترجمان السنة لاهور - باكستان، والسالمية (رسالة دكتوراه) للمحقق ١/ ٢٤٨ و ٣/ ١٠٧١.
ومذهبهم في هذا يقولون: إن السالك إذا أمعن في السلوك، وخاصة لجهة الأصول، فربما يحل الله فيه -تعالى الله عما يقولون-، بحيث لا يتمايز أو يتحد به لا أثنينية ولا تغاير وصح أن يقول: هو أنا وأنا هو. انظر: شرح المقاصد ٤/ ٥٩.
(١) أخرجه البخاري في (كتاب الأحكام، باب قول الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ٥/ ٢٢٣١ رقم (١٣٧) وطرفه ٢٩٥٧، ومسلم في (كتاب الإمارة، باب طاعة الأمراء في غير معصية الله) ٣/ ١٤٤٦ رقم ١٨٣٥، وغيرهما بألفاظ متقاربة، وقريبة من لفظ المؤلف.
(٢) في (د) بطاعته.
(٣) كذا في (ف) و (ح) وفي هامش (د) وفي الأصل (الله).
(٤) ما بين القوسين سقط من (د)، وفي هامشها أنه هكذا في نسخة أخرى.

<<  <   >  >>