كتاب الاستغاثة في الرد على البكري

فصل [٣] - نقل من أخذ عن الفلاسفة كالغزالي مذهبهم في الشفاعة - ص: 272

و [هذه] (١) المعاني [ذكرها] (٢) طائفة من الفلاسفة (٣) ومن أخذ عنهم كابن سينا (٤) وأبي حامد (٥) وغيرهم.

وهذه الأحوال هي من أصول الشرك وعبادة الأصنام، وهي من المقاييس (٦) الفاسدة التي قال بعض السلف: "ما عُبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس"، وهي من أقوال من يقول: إن الدعاء إنما تأثيره بكون النفس تتصرف في العالم، لا بكون الله يجيب الداعي (٧)، وهي مبنية على أن الله ليس بفاعل مختار يحدث الحوادث بمشيئته واختياره.

بل هؤلاء يقولون: إن الرب يوجب العالم بذاته، ويسمونه علة العلل،

---

(١) كذا في (ط) وفي جميع النسخ (هي) وفي هامش (ح) لعله (هذه)، ولا يستقيم المعنى إلا بما أثبت أعلاه.
(٢) كذا في (ف) و (د) و (ح) وفي الأصل (ذكر).
(٣) الفلاسفة هم من ينسبون إلى الفلسفة، والفلسفة كلمة يونانية مركبة من كلمتين هما: (فيلا) أي: محبة، و (سوفيا) أي: الحكمة، فمعناها محبة الحكمة، ومبدأ الفلسفة من الروم واليونان وغيرهم عيال عليهم. انظر: الملل والنحل ٢/ ٥٩، وعقائد الثلاث والسبعين ٢/ ٧٤٥.
(٤) هو أبو علي، الحسين بن عبد الله بن سينا، شرف الملك، الفيلسوف الوزير تقلد الوزارة في همدان، أخبر عن نفسه أنه ووالده من الباطنية، برز في الطب واشتهر، أشهر كتبه "القانون" في الطب. هلك سنة ٤٢٨ هـ. انظر: السير ١٧/ ٥٣١ ترجمة رقم ٣٥٦، والأعلام ٢/ ٢٤١.
(٥) هو زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي الغزالي برع في الفقه، والكلام والجدل، درس في نظامية بغداد، ثم تصوف وتركها، أشهر كتبه "إحياء علوم الدين"، كانت خاتمة أمره إقباله على طلب الحديث ومجالسة أهله، قال عنه أبو بكر بن العربي: شيخنا أبو حامد بلع الفلسفة، وأراد أن يتقيأها فما استطاع. أ. هـ توفي سنة ٥٠٥ هـ. انظر: السير ١٩/ ٣٢٢ ترجمة رقم ٢٠٤، والأعلام ٧/ ٢٢.
(٦) في (د) مقائس.
(٧) انظر: مقاصد الفلاسفة لأبي حامد الغزالي ص ٣٨٠ - ٣٨٢ الطبعة الثانية، تحقيق د. سليمان دنيا، الناشر دار المعارف مصر، ونصه: الخاصة الأولى في قوة النفس في جوهرها، بحيث تؤثر في هيولى العالم بإزالة صورة وإيجاد صورة، بأن يؤثر في استحالة غيرها، ويؤثر في استحالة الهواء غيماً، ويحدث مطر كالطوفان، أو بقدر الحاجة للاستسقاء. أ. هـ. وذكر تصرف النفس والعين وقالوا مثل هذا يعبر عنه بالكرامة والمعجزة.