والرابع: أن يسأل المستغاث به أن يفرج الكربة ولا يسأل الله.
فأما الأول: فهو سائل لله وحده ومستغيث به، وليس مستغيثاً بالمتوسل به إلا أن يريد بالاستغاثة السؤال به.
وأما الثاني: فهو استغاثة بالله في تفريج الكربة واستغاثة بالشفيع أن يسأل الله هو توسل به (أي بدعائه وشفاعته)، وهذا هو المشروع في الدنيا والآخرة في حياة الشفيع وسؤاله أو في حال مشاركة الشفيع له في السؤال لا في حال انفراده هو بالسؤال.
وكذلك الثالث: إذا سأل المتوسل به أن يسأل الله كما يسأله الناس يوم القيامة: فهذا لا ريب في جوازه وإن سمي استغاثة به.
وأما الرابع: وهو أن يسأل المستغاث به تفريج الكربة، فهذا استغاثة به ليس توسلاً به بل المستغاث به مطلوب منه الفعل فإن لم يكن قادراً عليه لم يجز أن يطلب منه ما لا يقدر عليه.
فالأول: سؤال به وليس استغاثة أصلاً وبعض الناس يسميه توسلاً به.
والثاني: فيه استغاثة به وتوسل به.
والثالث: فيه استغاثة في سؤال الله وليس فيه سؤال به.
والرابع: استغاثة في تفريج الكربة لكن لا يجوز ذلك من ميت ولا غائب ولا من حي حاضر إلا فيما يقدر عليه خاصة، وليس هذا هو التوسل به.
والتوجه المشروع الذي كانت الصحابة تفعله إنما كان بدعائه وشفاعته، ولا ريب أن من سأل الله تفريج الكربة بواسطة سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - وشفاعته فقد استغاث به، وهذا جائز كما كان الناس يفعلونه في حياته وكما يفعلونه في الآخرة في حياته أيضاً.
ولكن هذا ليس مشروعاً بعد موته ولم يفعله أحد من الصحابة بعد موته؛ بل عدلوا عن التوسل بدعائه وشفاعته إلى التوسل بدعاء غيره من الأخيار كالعباس ويزيد بن الأسود وغيرهما، فلا دين إلا ما شرعه الله ورسوله كما أنه لا حرام إلا ما حرمه.
ومن ذهب إلى الاستغاثة بالموتى فقد شرع له ديناً لم يؤذن له به.