للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى المخلوق يضاف إليه تعالى، فصار حقيقة قولهم أن المخلوق تضاف إليه مفعولات الله كلها، ويطلب منه مقدورات الرب كلها؛ لما في الخلق من السبب والحكمة، ولم يعلم هؤلاء الجهال أن السبب لا يستقل بالتأثير، بل تأثيره متوقف على سبب آخر وله موانع؛ وحينئذٍ فلا يجوز تخصيصه بالإضافة إليه، وإن كان سببًا، وأيضًا فالأسباب التي نعرفها مضبوطة، وأكثر ما فعله الله ويفعله لا نعرف نحن أسبابه، وأيضًا أثبتوا أسبابًا في خلقه وأمره ونهيه ما أنزل الله بها من سلطان، بل إثباتها مخالف للشرع والعقل، فضلوا في إثبات أسباب لا حقيقة لها، وفي [الإضافة] (١) إليها، وفي تعليق الحوادث كلها [بسبب] (٢) واحد (٣).


(١) كذا في (ف) و (د) و (ح) في الأصل إضافة.
(٢) كذا في (د) و (ح) وفي الأصل و (ف) سبب.
(٣) اختلف المسلمون في هذه المسألة علي ثلاث مذاهب:
الأول: الفلاسفة والمعتزلة اعتمدوا على الأسباب.
الثاني: الجهمية ومن تابعهم من الأشاعرة والماتريدية والذين أنكروا الأسباب والحكمة العلل والغايات.
وعلى هذا زعم بعضهم: أن أحدهم إذا طلب شيئًا من نبي أو ولي فالله هو المعطي لمن سأل عند الطلب، ومن أسند التأثير لغير الله فقد أشرك. وانطلاقًا من هذا زعموا أن النار ليست سببًا في الإحراق، والأكل ليس سببًا في الشبع وغير ذلك.
الثالث: مذهب السلف فقالوا: الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسبابًا نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع.
والله -سبحانه- ربط الأسباب بمسبباتها شرعًا وقدرًا، والشرع كله أسباب ومسببات، وهو سبحانه الذي جعل هذا سببًا لهذا، ومجرد الأسباب لا يوجب حصول المسبب، فلا بد من تمام الشروط، وزوال الموانع، وكل ذلك بقضاء الله وقدره. انظر: شرح الأصول الخمسة ص ٦١٤، وتهافت الفلاسفة للغزالي تحقيق د. سليمان دنيا ص ٢٣٩ - ٢٥١ (الطبعة السادسة الناشر دار المعارف القاهرة - مصر)، والحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة إملاء قوام السنة الأصبهاني، تحقيق محمد ربيع المدخلي ٢/ ٥٢ - ٥٥ الطبعة الأولى ١٤١١ هـ, الناشر دار الراية - الرياض، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٨/ ٧٠، ١٧٥، ٤٦٦، وشرح الطحاوية ص ٤٦٠، وموقف ابن تيمية من الأشاعرة ٣/ ٦٢٨.

<<  <   >  >>