وذهب العلامة الألباني في التوسل في أنواعه وأحكامه، تنسيق محمد عيد العباسي ص ٦ (الطبعة الخامسة ١٤٠٦ هـ، الناشر المكتب الإسلامي بيروت - لبنان) إلى أن الإسناد جيد لا شبهة فيه. أ. هـ وهذا هو الراجح. ثانياً: أن لفظة: "يا محمد" والتي يتمسك بها بعضهم في دعاء الميت والغائب لم ترد في كل روايات الحديث، وورد في بعض ألفاظ الحديث "إني أتوجه به إلى ربي". انظر: الرد على القبوريين تأليف حمد آل معمر ص ٨٥، وفي حال ثبوتها فهي دالة على خطاب الحاضر في القلب مثل التشهد. ثالثاً: التوجه في الحديث لابد أن يكون بواحد من ثلاثة أمور: ١ - أتوجه إليك بجسد نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -. ٢ - أتوجه إليك بجاه نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -. ٣ - أتوجه إليك بدعاء نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -. واستدل المتصوفة بالحديث على التوسل والتوجه بالذات والجاه ولم يذكروا دليلاً سوى قصة سيأتي ذكرها، واستدل السلف بهذا الحديث على التوسل بالدعاء للأدلة التالية: ١ - أن الأعمى إنما جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليدعو له، وذلك قوله: "ادع الله أن يعافيني" فهو قد توسل إلى الله -تعالى- بدعائه - صلى الله عليه وسلم -، لأنه يعلم أن دعاءه - صلى الله عليه وسلم - أرجى للقبول عند الله بخلاف دعاء غيره، ولو كان قصد الأعمى التوسل بذات النبي - صلى الله عليه وسلم - أو جاهه أو حقه لما كان ثمة حاجة إلى أن يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ويطلب منه الدعاء، بل كان يقعد في بيته، ولكنه لم يفعل هذا، لأنه عربي يفهم معنى التوسل في لغة العرب حق الفهم. وأن التوسل لابد فيه من طلب الدعاء من المتوسل به. ٢ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعده بالدعاء مع نصحه له ببيان ما هو أفضل له، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك". ٣ - إصرار الأعمى على الدعاء وهو قوله: "فادع"، فهذا يقتضي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعا له، لأنه - صلى الله عليه وسلم - خير من وفى بما وعد وقد وعده بالدعاء. ٤ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجه الأعمى إلى التوسل بالعمل الصالح وهو توسل مشروع، ليجمع له الخير من أطرافه، فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يدعو لنفسه، وهذه الأعمال طاعة لله يقدمها بين يدي دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - له. ٥ - زعم بعض الصوفية أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إشئت دعوت"، أي إن شئت علمتك دعاء تدعو به، ولقنتك إياه، وهذا التأويل واجب عندهم ليتفق أول الحديث مع آخره، والجواب أن آخر الحديث: "اللهم فشفعه في، وشفعني فيه" تفسير للدعاء، أي: اقبل شفاعتي، أي دعائي في أن تقبل شفاعته - صلى الله عليه وسلم -. =