للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: "من سمع النداء ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له" (١)، فهذه الأحاديث قد اختلف في صحتها، واختلف في نفي الكمال بها في مذهب أحمد وغيره، فإن قيل: إنها صحيحة وجب العمل بموجبها، وكذلك قوله: "لا صيام لمن لم يبيِّت الصيام من الليل" (٢)، قد اختلف في صحته، فليس شي هذا الباب حديث صحيح، اتفق العلماء على أن المراد به نفي الكمال المستحب.

وقول القائل: لا يستغاث إلا بالله [ولا يسأل إلا الله] (٣) ونحو ذلك فليس هو نفياً لمسمًّى شرعي؛ بل لغوي وهو نفيٌ معناه النهي، كقوله [لا يستعان] (٤) إلا بالله، ولا [يسأل] (٥) إلا الله ونحو ذلك، وهذا النهي عام في كل شيء؛ لكن النهي في أكثره نهي تحريم؛ وبعضه نهي تنزيه، [والأولى] (٦) للإنسان أن لا يسأل أحداً إلا الله، كما وصى النبي - صلى الله عليه وسلم - طائفة من أصحابه بذلك، وهو نهي تحريم فيما لا يقدر عليه إلا الله وغير ذلك، وهو أيضاً نهي تحريم إذا طلب من المخلوق تمام مطلوبه، فإن مطلوبه لا يقدر عليه إلا الله،


(١) أخرجه أبو داود في (كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة) رقم ٥٥١، ١/ ٣٧٤، وابن ماجه في (أبواب المساجد، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة) رقم ٧٧٧، ١/ ١٤٢ ولفظه: " ... فلم يأته .... "، والحاكم في المستدرك ١/ ٢٤٦ كتاب الصلاة واللفظ له، وصححه ووافقه الذهبي، قال العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ١/ ٢١٨ أخرجه أبو داود وابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي وسند ابن ماجه صحيح، وقد صححه النووي والعسقلاني والذهبي ومن قبلهم الحاكم. أ. هـ.
(٢) أخرجه النسائي في (كتاب الصيام، باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة) ٤/ ١٩٦ رقم ٢٣٢٩، ٢٣٣٠، والترمذي في (كتاب الصوم، باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل) ٣/ ١٠٨ رقم ٧٣٠، وأبو داود في (كتاب الصيام، باب النية في الصيام) ٢/ ٨٢٣ رقم ٢٤٥٤، وابن ماجه في (أبواب الصيام، باب ما جاء في فرض الصوم من الليل) ١/ ٣٣١ رقم ١٧٠٢، وأحمد في المسند ٦/ ٢٨٧، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ٧/ ٣٤: "قد رواه أهل السنن وقيل إن رفعه لم يصح، وإنما يصح موقوفاً على ابن عمر أو حفصة".
(٣) ما بين المعقوفين من (ح) وفي (د) (لا يسأل إلا بالله) بزيادة باء في لفظ الجلالة، وسقط من الأصل و (ف).
(٤) كذا في (ف) و (د) و (ح)، وفي الأصل (يستغاث).
(٥) كذا في (ف) و (د) و (ح)، وفي الأصل (سأل).
(٦) بياض في جميع النسخ بمقدار ثلاث كلمات في الأصل و (ف) و (د)، (ح)
بمقدار كلمتين، وفي هامش (ف) و (د) بياض في الأصل، وما بين المعقوفين، يقتضيه السياق.

<<  <   >  >>