للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومحبته ورضاه؛ بل يرى أن جميع الحوادث خيرها وشرها بالنسبة إليه سواء صادرة عن تلك الإرادة (١)، وأنه لا يحب الحسنات ولا يرضاها إلا بمعنى ينعم أهلها؛ ولا يبغض السيئات ويسخطها إلا بمعنى تعذيب أهلها، ورأى أن هذا فرق يعود إلى المخلوق لا إلى الخالق، فهذا رأى أن في كمال العبودية فناء عن إرادته؛ وأنه لا يريد إلا ما يريده الحق؛ وعنده ليس له إرادة إلا هذه، لزم من هذا أنه لا يستحسن حسنة ولا يستقبح سيئة ما دام هذا الفناء، لكن دوامه فيه ممتنع لأن العبد مجبول على حب ما يلائمه وبغض ما ينافيه، فإن لم يشهد ما [يتصف] (٢) به الرب من الحب والبغض والرضى والسخط، فيحب (٣) ما يحبه الله، ويبغض ما يبغضه (٤)، ويرضى ما يرضاه، ويسخط ما يسخطه الله، وإلا فرق باعتبار نفسه، فيحب ويبغض لمجرد ذوقه ووجده وحبه وبغضه؛ لا بحب الله وبغضه وأمره ونهيه، فإن هذه الحقيقة تخالف (٥) الشريعة، ويجعلون القيام بها لأجل [الظاهرة] (٦) والعامة، لا من حقيقة شهودها الخاصة ويسمون هذا تلبيساً؛ وهو مقام الأنبياء، وهذا من أغاليط كثير من الشيوخ، وهو في الحقيقة خروج عن ملة إبراهيم وغيره من الرسل، وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل (٧).


(١) انظر: شرح المقاصد للتفتازاني ٤/ ٢٧٤ - ٢٧٨ حيث وضح مذهب الأشاعرة والمعتزلة.
(٢) كذا في (د) وفي الأصل و (ف) و (ح) (ينسب).
(٣) في (د) (فيجب) بالجيم.
(٤) سقط لفظ الجلالة من (ف) و (د).
(٥) في (د) يخالف.
(٦) كذا في (د) والأصل، لكن في الأصل شطب عليها، وصححت في الهامش (الخاصة)، وفي (ف) الخاصة.
(٧) انتهى الكتاب في جميع النسخ، وما بعده كلام الناسخ، وفي الأصل: وهذ آخر ما وجدت من "كتاب الاستغاثة" لابن تيمية -قدس الله روحه ونور ضريحه- وكان الفراغ من نسخه عصر الخميس لأربعة عشر خلت من ربيع الثاني من شهور عام سنة ١٢٨٤، بقلم الفقير إلى ربه القدير محمد بن عثمان بن يحيى -غفر الله له ولوالديه وإخوانه المؤمنين- والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
وفي (ف): وهذا آخر ما وجدت من "كتاب الاستغاثة" لشيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه ونور ضريحه وأدخله الجنة بغير حساب-، وكان الفراغ من نسخه يوم الأربعاء خامس يوم من جماد أول سنة ١٣١٩، على يد الفقير إلى ربه المقر بالذنب والتقصير عبده بن عبده صالح بن موسى بن صالح بن موسى بن مرشد -غفر الله له ولوالديه ولإخوانه وذريته وجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات آمين- وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
وفي (د): وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم سنة ١٣٢٦.

<<  <   >  >>