للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن اللَّه! فيقال لهم: كذبتم ما اتخذ اللَّه من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضًا فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد اللَّه من بر وفاجر أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها، قال: فما تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد، قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم فيقول: أنا ربكم فيقولون: نعوذ باللَّه منك لا نشرك باللَّه شيئًا مرتين أو ثلاثًا حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم الساق، فيكشف عن ساق (١) فلا يبقي من كان يسجد للَّه من تلقاء نفسه إلا أذن اللَّه له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل اللَّه ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في الصورة التي رأوه فيها أول مرة فيقول: أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا. ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة، ويقولون: اللهم سلم سلم، قيل: يا رسول اللَّه وما الجسر؟ قال: دحض (٢) مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسكة تكون بنجد فيها شويكة يقال لها: السعدان، فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب (٣)؛ فناج مسلم (٤)، ومخدوش مرسل، ومكدوس (٥) في نار جهنم، حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما من أحد منكم بأشد مناشدة للَّه في استيفاء الحق من المؤمنين للَّه يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار، فيخرجون خلقًا كثيرًا قد أخذت النار إلى نصف ساقه


(١) يعني عن ساقه -عز وجل- وهذا من أحاديث الصفات التي يؤمن بها أهل السنة من غير تحريف ولا تمثيل.
(٢) الموضع الذي تزل به الأقدام.
(٣) الإبل والمراد أن سرعة المارين على الصراط متفاوته كتفاوت المذكورات في السرعة.
(٤) أي سلم من النار وأذاها.
(٥) الأشياء بعضها فوق بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>