للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣٢) - {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}.

وقوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}؛ أي: بسبب ذلك أكَّدنا القولَ على بني إسرائيلَ، وغلَّظنا (١) الميثاقَ عليهم، وخَصَّ بني إسرائيلَ بالذِّكرِ، والحكمُ ثابتٌ في (٢) الكلِّ؛ لأنَّ المخالفين في عصرِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بقيَّةُ بني إسرائيل، وكانوا يَدينون بالتَّوراة والإنجيل، فذكَّرهم ذلك.

وقوله تعالى: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: بغير نفسٍ قتلَها هو، فاستحقَّ القِصاص بذلك.

قوله: {أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: ردَّةٍ؛ فإنَّ الفسادَ اسمٌ للكفر، قال تعالى: {إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: ٤].

وقيل: أي: زَنَى وهو محصَنٌ، قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَحِلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ إلا بإحدى معانٍ ثلاثة: زنًى بعد إحصان، وكفرٌ بعد إيمان، وقتلُ مؤمنٍ بغير حقٍّ" (٣).

وقوله تعالى: {فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} قال ابنُ عباسٍ رضي اللَّه عنهما: هذا في حقِّ مَن قتلَ نبيًّا أو إمامًا عدلًا (٤)، فالآيةُ في حقِّ بني إسرائيل،


(١) في (ف): "أي غلظنا".
(٢) بعدها في (ر): "حق".
(٣) رواه أبو داود في "سننه" (٤٥٠٢)، والترمذي في "سننه" (٢١٥٨)، والنسائي في "سننه" (٤٠١٩)، وابن ماجه (٢٥٣٣) من حديث عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه.
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٣٤٨ - ٣٤٩).