للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واحد، فإنْ قتلَ بنو النضير منَّا قتيلًا، أعطونا سبعين وسقًا من تمرٍ، وإنْ قتَلنا منهم واحدًا، أخذوا منا مئةً وأربعين وسقًا، فإنْ كان القتلى بواءً (١)، فلِم صارَت جراحاتنا على أنصافِ جراحاتهم؟ فاقض بيننا وبينَهم.

وكانت بنو قريظة بينهم وبين بني النضير دماء، قال: فإنِّي أحكمُ أنَّ دمَ القُرَظيِّ وفاءٌ مِن دمِ النَّضيريِّ، ودمَ النَّضيري وفاءٌ مِن دمِ القرظي، وذلك قبل أن يبعثَ اللَّه محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-، ليس لأحدِهما فضلٌ على الآخر في دمٍ ولا عقلٍ ولا جراحةٍ، الدَّمُ بالدَّم، والجِراحةُ بالجِراحة، فغضبَ بنو النضير مِن ذلك، وقالوا: لا نَرضى بحكمِك؛ فإنَّك لنا عدوٌّ، وإنَّك لا تألوا من وضعِنا وتَصغيرنا، فأنزل اللَّه: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}؛ يعني: حكمَهم الأول {وَمَنْ أَحْسَنُ}؛ أي: لا أحدَ أحسن {مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (٢) [المائدة: ٥٠]، ثمَّ أخبرَ أَنَّه كتبَ عليهم القِصاص في النَّفس، وفي ما دون النَّفس بهذه الآية (٣).

قولُه تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}؛ أي: الواضعون الأمرَ غيرَ موضعه.

* * *

(٤٦) - {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}.

وقوله تعالى: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ}؛ أي: أتبعنا، وقد قَفَاه يَقفُوه قفوًا أي: تبعَهُ،


= للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إخواننا بنو النضير كعب بن أشرف وكعب بن أسيد و. . .، أبونا واحد. . .
(١) يعني: سواء. انظر: "الصحاح" للجوهري (مادة: بوأ).
(٢) قوله: " {وَمَن أَحْسَنُ} أي لا أحد أحسن {اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} " من (أ).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٤٨٠).