للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والسادس: أنهم قالوا للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: نشهد إنك لرسول اللَّه، ولم يكنْ ذلك في عقيدتهم، ويقال للمنافق: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: ٤٩]، وليس ذلك من صِفَتهم (١).

والسابع: قول قتادة: وهو ما أخبر اللَّه تعالى عن حالهم يوم القيامة: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} إلى أن قالوا: {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ} [الحديد: ١٤] بما قُلتم لشياطينكم: {إِنَّا مَعَكُمْ}، واليومَ تقولون لنا: {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُم}، وكنتم تستهزئون (٢)، فاليوم نحن بكم مستهزئون (٣).

فيكون الاستهزاء من المؤمنين مجازاةً لهم، وإنما أضاف اللَّهُ تعالى ذلك إلى نفسه بقوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}؛ تشريفًا للمؤمنين، وجَعْلًا لفعلهم (٤) فِعْلَه، كما قال لنبيِّه عليه السلام: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧].

والثامن: قولُ الكلبي: أنهم ضحكوا من المؤمنين في الدنيا، فيجعلهم يوم القيامة يضحكون منهم، وهو أنه يَجعل المؤمنين يطَّلعون على المنافقين من (٥) الجنة، فيقولون لهم: أتحبُّون أن تخرجوا من النار وتدخلوا الجنة، فيقولون: نعم، فيُفتح لهم بابٌ من النار، فيقصدون إليه، فيُغلَق عليهم، ثم يُفتح لهم (٦) بابٌ آخرٌ،


(١) انظر: "النكت والعيون" للماوردي (١/ ٧٨).
(٢) في (ف): "مستهزئون".
(٣) انظر: "تفسير مقاتل بن سليمان" (١/ ٩١)، و"تفسير الطبري" (١/ ٣١٢).
(٤) في (ر): "كفعلهم".
(٥) في (ر): "في".
(٦) "لهم" ليس في (أ) و (ف).