للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيقصدونه فيُغلق عليهم (١)، فلا يزال يُفعل بهم كذلك والمؤمنون يضحكون منهم، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ} [المطففين: ٢٩] إلى أن قال: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} الآيات (٢) [المطففين: ٣٤].

ودلَّت الآيةُ على قُبْح الاستهزاء بالناس، وقد قال تعالى: {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} [الحجرات: ١١]، وقال في قصة موسى عليه السَّلام: {قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [البقرة: ٦٧]، فأخبر أنه فِعْلُ الجاهلين، وإذا كان وعيدُ الاستهزاء بالناس هذا، فما جزاء الاستهزاء باللَّه تعالى؟! وهو فيما قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المستغفِرُ من الذَّنب وهو مُصِرٌّ عليه كالمستَهْزِئ بربِّه" (٣).

ثم مُقابلةُ الاستهزاء بالاستهزاء دليل على أنَّ الجزاءَ من جنس العمل، وقد عدَّدنا آياتٍ في أجزيَة أعمال السُّوء، وأجزيةُ أعمال الخير كذلك، قال اللَّه تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: ٦٠]، وقال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى

وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦]، وقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: ١٥٢]، وقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: ٤٠]، {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: ٧]، وقال: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: ١١٩]، وقال تعالى: {أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} (٤) [يونس: ٨٩]، وقال تعالى: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} [البقرة: ١٨٦].


(١) في (ر): "فيقصدون إليه"، والعبارة ليست في (ف).
(٢) في (أ) و (ف): "الآية". والخبر المذكور رواه البيهقي في "الأسماء الصفات" (٣/ ٥٧) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٣) رواه ابن أبي الدنيا في "التوبة" (٨٥) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما. وقال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (٢/ ١٠٠٤): سنده ضعيف.
(٤) "وقال تعالى: {أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} " ليس في (أ).