للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كلمة الإيمان واستناروا بنورها (١) واعتزوا (٢) بعزِّها وأمنوا (٣) بسببها، فناكحوا المسلمين ووارثوهم وقاسموهم الغنائم وأَمِنوا على أموالهم وأولادهم، فإذا ماتوا عادوا إلى الخوف والظُّلْمة وبَقُوا في العذاب والنِّقمة (٤).

وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه: في هذه الآية كشفُ قوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} وقولهِ تعالى: {وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: ١٤٢]، فإنه فضَحهم في الدنيا والآخرة، لأنهم (٥) طلبوا بنفاقهم الأمنَ فأَعقبهم اللَّه خوفًا دائمًا، كما قال: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ} [المنافقون: ٤] وقال: {رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} الآية [محمد: ٢٠]، وقال: {فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [الأحزاب: ١٩]، وقال: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ} الآية [التوبة: ٦٤].

ولأنهم طلبوا بالنِّفاق رضى الفريقين والشرفَ والعزَّ فيهم، فعَلم الفريقان جميعًا بذلك فطردوهم، قال اللَّه تعالى: {مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ} [المجادلة: ١٤]، وقال اللَّه تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ} [النساء: ١٤٣] فزال الشرفُ والعزُّ وجاء الهوانُ والذلُّ.

فمثَلُهم كمثَلِ مستوقِدِ النار ليستضيء بها وينتفعَ بحرِّها، فأذهب اللَّه تعالى بصرَه فذهب ما كان يأمل من الاستضاءة بضوئها والانتفاعِ بحرِّها، وأَعقبه خوفَ


(١) في (ر): "فاستناروا بها".
(٢) في (ف): "واستعزوا".
(٣) في (أ): "فأمنوا".
(٤) رواه بنحوه الطبري في "تفسيره" (١/ ٣٣٧ - ٣٣٩) عن ابن عباس وقتادة والضحاك، واختاره.
(٥) في (ر): "فإنهم".