للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: فأنا أترك المكتوبَ كما تركه هو، وأُقِيمه كما أخبر به.

وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائيُّ وعاصم في رواية أبي بكر: {إِنَّ} بالتشديد {هَذَانِ} بالألف والتخفيف (١)، وقرأ عاصم في رواية حفص: {إِنْ} بالتخفيف {هَذَانِ} بالألف والتخفيف، وقرأ ابن كثير: {إِنْ} بالتخفيف و {هذانِّ} بالألف والتشديد (٢).


= الألفاظ وإفساد الإعراب، فقد أبطل ولم يصب؛ لأن الخط منبئ عن النطق فمَن لحن في كَتْبه فهو لاحن في نطقه، ولم يكن عثمان ليؤخر فسادًا في هجاء ألفاظ القرآن من جهةِ كَتْبٍ ولا نطق، ومعلوم أنه كان مواصلًا لدرس القرآن متقنًا لألفاظه موافقًا على ما رسم في المصاحف المنفذة إلى الأمصار والنواحي، ثم أيد (يعني ابن الأنباري) ذلك بما أخرجه أبو عبيد قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد اللَّه بن مبارك: حدثنا أبو وائل شيخ من أهل اليمن، عن هانئ البربري مولى عثمان قال: كنت عند عثمان وهم يعرضون المصاحف، فأرسلني بكتف شاة إلى أبي بن كعب فيها: (لم يتسن) وفيها: (لا تبديل للخلق) وفيها: (فأمهل الكافرين)، قال: فدعا بالدواة فمحا أحد اللامين فكتب: {لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠] ومحى (فأمهل) وكتب: {فَمَهِّلِ} [الطارق: ١٧]، وكتب: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: ٢٥٩] ألحق فيها الهاء، قال ابن الأنباري: فكيف يُدَّعَى عليه أنه رأى فسادًا فأمضاه، وهو يُوقَف على ما كُتب، ويُرفع الخلاف إليه الواقع من الناسخين ليحكم بالحق ويلزمهم إثبات الصواب وتخليده؟!. اهـ.
أما قراءة أبي عمرو هنا فقال السمين في "الدر المصون" (٨/ ٦٤): (واضحةٌ من حيث الإِعرابُ والمعنى. . . ولكنهم استشكلُوها من حيث خطُّ المصحف؛ وذلك أنَّ رَسْمَه "هذن" بدونِ ألفٍ ولا ياءٍ، فإثباتُه بالياء زيادةٌ على خطِّ المصحف، قال أبو عبيد: رأيتُها في الإِمام مصحفِ عثمان: "هذن" ليس فيها ألفٌ. وقال أبو إسحاق: لا أُجيز قراءةَ أبي عمرو لأنَّها خلافُ المصحفِ).
قلت: وأبو إسحاق هو الزجاج، وكلامه في "معاني القرآن" (٣/ ٢٦٤)، وقد تعقبه الآلوسي في "روح المعاني" (١٦/ ٣٧٤) بقوله: (وليس بشيء، لأنه مشترك الإلزام، ولو سلم فكم في القراءات ما خالف رسمه القياس مع أن حذف الألف ليس على القياس أيضًا).
(١) في (أ): "والتشديد"، وسقطت من (ر) و (ف)، والصواب المثبت.
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٤١٩)، و"التيسير" (ص: ١٥١).