للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٤٣) - {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.

وقولُه تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ}: أي: على ما نالَه مِن الظُّلْم مِن جِهَة أخيه المسلم {وَغَفَرَ} لِظالِمه ذنبَه.

{إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}: أي: مما ينبغي أنْ يُوجِبَه العاقلُ على نفْسِه، ولا يترَخَّصَ في تَرْكِه.

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أي: مِن حَزْم الأمور (١).

وقال الضحاك: أي: الجِدِّ (٢).

وقال مقاتل بن حيان: أي: مِن البَصَر بالأمور كلِّها.

وقال ابن كيسان: يعني: التَّيَقُّنَ بالخَلَف والثواب.

وقال السُّدِّي: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}: نزلت في أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه، وذلك أن رجلًا من المشركين أقبل عليه يشتمه وجعل أبو بكر لا يشتغل به إلى أن ضجر، فلما ضجر ردَّ عليه، فقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال أبو بكر: فداك أبي وأمي يا رسول اللَّه ما دام يشتمني لم تقم فلما رددتُ عليه قمتَ؟ فقال: "لأني رأيت بينك وبينه ملكًا يردُّ عليه ما قال، فلما رددتَ عليه قام الملك فذهب فقمت أنا أيضًا" (٣).


(١) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٣١٤)، وهو في "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٨/ ٣٠٧) من غير نسبة.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٢٤)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ٢٧١).
(٣) رواه الإمام أحمد في "مسنده" (٩٦٢٤)، والبيهقي في "الكبرى" (٢١٠٩٦)، والبغوي في "شرح السنة" (٣٥٨٦) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٣٦٩٨): رجال أحمد رجال الصحيح.
ولم أقف عليه عن السدي، ولا أن الحديث كان سببًا لنزول قوله تعالى: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}.