أَعْظَمُ غَرَرًا مِنْهُ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الْمِلْكِ أَوْ مِنْ لُزُومِهِ اُحْتُرِزَ بِقَيْدِ الشَّرْطِ عَنْ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ فِيهِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» وَالسَّلَمُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ. تَتِمَّةٌ: لَوْ أَحْضَرَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ الْمُسَلَّمَ فِيهِ الْمُؤَجَّلَ قَبْلَ وَقْتِ حُلُولِهِ فَامْتَنَعَ الْمُسَلِّمُ مِنْ قَبُولِهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ بِأَنْ كَانَ حَيَوَانًا يَحْتَاجُ لِمُؤْنَةٍ لَهَا وَقَعَ أَوْ وَقْتَ إغَارَةٍ، أَوْ كَانَ ثَمَرًا أَوْ لَحْمًا يُرِيدُ أَكْلَهُ عِنْدَ الْمَحِلِّ طَرِيًّا، أَوْ كَانَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى مَكَان لَهُ مُؤْنَةٌ كَالْحِنْطَةِ الْكَثِيرَةِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسَلِّمِ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي الِامْتِنَاعِ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي التَّعْجِيلِ كَفَكِّ رَهْنٍ أَوْ ضَمَانٍ أَوْ مُجَرَّدِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ أَمْ لَا، كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضِ لِأَنَّ عَدَمَ قَبُولِهِ لَهُ تَعَنُّتٌ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ لَهُ أَخَذَهُ الْحَاكِمُ لَهُ، وَلَوْ أَحْضَرَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ الْحَالَّ فِي مَكَانِ التَّسْلِيمِ لِغَرَضٍ غَيْرِ الْبَرَاءَةِ أُجْبِرَ الْمُسَلِّمُ عَلَى قَبُولِهِ، أَوْ لِغَرَضِهَا أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ الْإِبْرَاءِ. وَلَوْ ظَفِرَ الْمُسَلِّمُ بِالْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بَعْدَ الْمَحِلِّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَطَالَبَهُ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ وَلِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسَلِّمُ عَنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ وَلَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الْمِلْكِ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ، أَوْ مِنْ لُزُومِهِ إنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي.
قَوْلُهُ: (لَوْ أَحْضَرَ الْمُسَلِّمُ) أَيْ عَجَّلَهُ قَبْلَ وَقْتِ حُلُولِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَحِلِّ التَّسْلِيمِ أَوْ فِي غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (الْمُسَلَّمُ فِيهِ الْمُؤَجَّلُ) وَمِثْلُهُ كُلُّ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ إذَا عُجِّلَ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ كَانَ حَيَوَانًا) أَوْ كَانَ الْمُسَلِّمُ مُحْرِمَا وَالْمُسَلَّمُ فِيهِ صَيْدًا فِيمَا يَظْهَرُ؛ قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَلَوْ عَبَّرَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ " كَأَنْ " بَدَلَ قَوْلَهُ " بِأَنْ " لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْحَصْرَ فِيمَا ذُكِرَ، وَلَيْسَ مُرَادًا وَلَكِنْ يَكْثُرُ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ الْإِتْيَانُ " بِأَنْ " بَدَلَ " كَأَنْ " وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ،. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَقْتَ إغَارَةِ) التَّقْدِيرِ: أَوْ كَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ إغَارَةٍ. وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى خَبَرِ " كَانَ "، مَرْحُومِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَقْتَ إغَارَةٍ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِاسْمِ الزَّمَانِ عَنْ الذَّاتِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
وَلَا يَكُونُ اسْمُ زَمَانٍ خَبَرًا ... عَنْ جُثَّةٍ وَإِنْ يُفِدْ فَأَخْبِرَا
قَوْلُهُ: (يُرِيدُ أَكْلَهُ) أَيْ الْأَحَدَ.
قَوْلُهُ: (طَرِيًّا) لَمْ يَقُلْ طَرِيَّيْنِ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِ " أَوْ ". وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: لَمْ يَقُلْ طَرِيَّيْنِ؛ لِأَنَّ طَرِيًّا بِوَزْنِ فَعِيلٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُفْرَدُ وَالْمَثْنَى وَالْجَمْعُ، قَالَ تَعَالَى: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: ٤] . قَوْلُهُ: (مُؤْنَةٌ) أَوْ كَانَ يَتَرَقَّبُ زِيَادَةَ سِعْرِهِ عِنْدَ الْمَحِلِّ فِيمَا يَظْهَرُ، م ر.
قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهِ) وَإِنْ كَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ صَحِيحٌ لِتَضَرُّرِهِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَ غَرَضَاهُمَا رُوعِيَ جَانِبُ الْمُسْتَحِقِّ. قَوْلُهُ: (أَمْ لَا) أَيْ لَا لِغَرَضٍ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ غَرَضَ الْبَرَاءَةِ حَاصِلٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ تَارَةً يُلَاحِظُهُ وَتَارَةً لَا يُلَاحِظُهُ ع ن. وَقَوْلُهُ " لَا لِغَرَضٍ " بِأَنْ لَمْ يُلَاحِظْ الْبَرَاءَةَ وَإِنْ كَانَتْ حَاصِلَةً. قَوْلُهُ: (أَخَذَهُ الْحَاكِمُ) وَيَظْهَرُ وُجُوبُهُ عِنْدَ الطَّلَبِ، أَيْ طَلَبِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الْمُسَلِّمَ بِأَخْذِ حَقِّهِ؛ شَوْبَرِيٌّ أَيْ وَبَرِئَ الْمَدِينُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُسَلِّمُ غَائِبًا وَأَتَى بِهِ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ فِي وَقْتِهِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَقْبِضُهُ لَهُ اهـ ز ي. قَوْلُهُ: (الْمُسَلَّمُ فِيهِ الْحَالُّ) أَيْ أَصَالَةً أَوْ عَرْضًا بِأَنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ، وَهَذَا مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ " الْمُؤَجَّلُ " وَقَوْلُهُ " فِي مَكَانِ التَّسْلِيمِ " مُتَعَلِّقٌ بِأَحْضَرَ.
قَوْلُهُ: (لِغَرَضٍ غَيْرِ الْبَرَاءَةِ) كَفَكِّ رَهْنٍ وَكَفِيلٍ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ غَرَضٌ لِوُجُودِ مَحِلِّ التَّسْلِيمِ وَزَمَانِهِ، فَامْتِنَاعُهُ مَحْضُ عِنَادٍ فَضُيِّقَ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْإِبْرَاءِ.
قَوْلُهُ: (أُجْبِرَ الْمُسَلِّمِ عَلَى قَبُولِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الزَّمَنُ زَمَنَ نَهْبٍ، بِخِلَافِهِ فِي الْقَرْضِ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَإِنْ وَقَعَ الْإِقْرَاضُ وَقْتَهُ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ هُنَاكَ بِخِلَافِهِ هُنَا.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ ظَفِرَ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي الْمَكَانِ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ.
قَوْلُهُ: (مَحَلٌّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ مَكَانُهُ الْمُعَيَّنُ بِالشَّرْطِ أَوْ الْعَقْدِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسَلِّمُ) بِأَنْ يَدْفَعَ الْمُسَلِّمُ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ مُؤْنَةَ النَّقْلِ مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إلَى مَحِلِّ الظَّفْرِ، ح ل