للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعُذْرٍ وَلَوْ نَذَرَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا فِي وَقْتٍ فَفَاتَهُ وَلَوْ بِعُذْرٍ. وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَلَوْ نَذَرَ إهْدَاءَ شَيْءٍ إلَى الْحَرَمِ لَزِمَهُ حَمْلُهُ إلَيْهِ إنْ سَهُلَ. وَلَزِمَهُ صَرْفُهُ بَعْدَ ذَبْحِ مَا يُذْبَحُ مِنْهُ لِمَسَاكِينِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَسْهُلْ حَمْلُهُ كَعَقَارٍ فَيَلْزَمُهُ حَمْلُ ثَمَنِهِ إلَى الْحَرَمِ.

وَلَوْ نَذَرَ تَصَدُّقًا بِشَيْءٍ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ صَرْفُهُ لِمَسَاكِينِهِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ نَذَرَ صَلَاةً قَاعِدًا جَازَ فِعْلُهَا قَائِمًا لِإِتْيَانِهِ بِالْأَفْضَلِ لَا عَكْسُهُ وَلَوْ نَذَرَ عِتْقًا أَجْزَأَهُ رَقَبَةٌ وَلَوْ نَاقِصَةً بِكُفْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ نَذَرَ عِتْقَ نَاقِصَةٍ أَجْزَأَهُ رَقَبَةٌ كَامِلَةٌ، فَإِنْ عَيَّنَ نَاقِصَةً كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ هَذَا الرَّقِيقِ الْكَافِرِ. تَعَيَّنَتْ وَلَوْ نَذَرَ زَيْتًا أَوْ شَمْعًا لِإِسْرَاجِ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ وَقَفَ مَا يَشْتَرِيَانِ بِهِ مِنْ غَلَّتِهِ صَحَّ كُلٌّ مِنْ النَّذْرِ وَالْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ أَوْ غَيْرَهُ مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ. وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ، فَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الطَّلَاقِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ أَوْ فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَكِبَ) أَيْ حَيْثُ لَزِمَهُ الْمَشْيُ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ نُزُولِهِ أَوْ ذَهَابِهِ لِنَحْوِ اسْتِقَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ الرُّكُوبُ يَسِيرًا وَالْمُرَادُ لَمْ يَمْشِ وَلَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُقَلْ لَهُ أَنَّهُ رَاكِبٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَاشٍ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالرُّكُوبِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَمْشِ فَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى ح ل بِزِيَادَةٍ فِي ق ل فَرْعٌ هَلْ مِنْ الرُّكُوبِ السَّفِينَةُ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا. وَمَالَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رُكُوبًا عُرْفًا إذْ لَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْمَنْذُورَ هُنَا الْمَشْيُ وَهَذَا لَا يُسَمَّى مَشْيًا اتِّفَاقًا وَأَمَّا ثَانِيًا فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالرُّكُوبِ هُنَا مَا يُقَابِلُ الْمَشْيَ وَهَذَا مِمَّا يُقَابِلُهُ قَطْعًا مَعَ أَنَّ كَوْنَ رُكُوبِ السَّفِينَةِ لَا يُسَمَّى رُكُوبًا عُرْفًا فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا} [هود: ٤١] فَإِنْ قِيلَ: لَا يَتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ، قُلْنَا: يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ رُكُوبُ نَحْوِ غَزَالٍ وَقِرْدٍ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَلَزِمَ دَمٌ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَكَرَّرَ الدَّمُ بِتَكَرُّرِ الرُّكُوبِ قِيَاسًا عَلَى اللُّبْسِ بِأَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَ الرُّكُوبَيْنِ مَشْيٌ قَالَهُ ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل مَا نَصُّهُ: وَلَا يَتَعَدَّدُ الدَّمُ بِتَعَدُّدِ الرُّكُوبِ. إلَّا إنْ تَخَلَّلَهُ مَشْيٌ لَا فِي نَحْوِ حَطٍّ وَتَرْحَالٍ وَنُزُولٍ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَهَكَذَا وَمَتَى فَسَدَ نُسُكُهُ سَقَطَ عَنْهُ وُجُوبُ الْمَشْيِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ الْمُجْزِئُ عَنْ النَّذْرِ قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي الْقَضَاءِ فِي مَحَلٍّ رَكِبَ فِيهِ فِي الْأَصْلِ وَإِلَّا فَلَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ رَكِبَ بِعُذْرٍ) غَايَةً وَمَحَلُّ لُزُومِ الدَّمِ إنْ عَرَضَ الْعَجْزُ بَعْدَ النَّذْرِ وَإِلَّا كَأَنْ نَذَرَهُ وَهُوَ عَاجِزٌ فَإِنَّهُ وَإِنْ صَحَّ نَذْرُهُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ وَلَا الدَّمُ إذَا رَكِبَ وَفَائِدَةُ انْعِقَادِ نَذْرِهِ احْتِمَالُ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْمَشْيِ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ. س ل مَعَ زِيَادَةِ قَوْلِهِ: (صَلَاةً أَوْ صَوْمًا) أَيْ أَوْ غَيْرَهُمَا.

[فَرْعٌ النَّذْرُ لِلْكَعْبَةِ]

ِ إنْ نَوَى النَّاذِرُ شَيْئًا اُتُّبِعَ كَسَتْرٍ وَطِيبٍ وَإِلَّا صُرِفَ لِمَصَالِحِهَا، مِنْ كِسْوَةٍ وَنَحْوِهَا. حَتَّى نَحْوِ الشَّمْعِ وَالزَّيْتِ فَيُصْرَفُ لِمَصَالِحِهَا إنْ لَمْ يُحْتَجْ لِلْإِسْرَاجِ بِهِ قَوْلُهُ: (أَوْ شَمْعًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا. قَوْلُهُ: (مَا) أَيْ شَيْئًا كَعَقَارٍ وَقَوْلُهُ: يَشْتَرِيَانِ أَيْ الزَّيْتَ وَالشَّمْعَ بِهِ أَيْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ أَيْ بِغَلَّتِهِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: مِنْ غَلَّتِهِ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ: بِغَلَّتِهِ لِيَكُونَ بَدَلًا مِنْ الضَّمِيرِ فِي بِهِ لَكَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ بَدَلٌ مِنْ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ إلَخْ) وَإِنْ قَصَدَ بِهِ وَهُوَ الْغَالِبُ مِنْ الْعَامَّةِ تَعْظِيمُ الْبُقْعَةِ وَالْقَبْرِ وَالتَّقَرُّبُ إلَى مَنْ دُفِنَ فِيهَا أَوْ نُسِبَ إلَيْهِ فَهَذَا نَذْرٌ بَاطِلٌ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ لِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ خُصُوصِيَّاتٍ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَرَوْنَ أَنَّ النَّذْرَ لَهَا مِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ الْبَلَاءُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ) فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ مَنْ دَفَعَهُ لَهُ فَإِنْ مَاتَ دَفَعَ لِوَارِثِهِ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا صَارَ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ إنْ لَمْ يَتَوَقَّعْ مَعْرِفَتُهُ وَإِلَّا وَجَبَ حِفْظُهُ حَتَّى يُدْفَعَ لَهُ.

قَوْلُهُ: (فَقِيَاسُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَبَرٌ أَيْ فَيُصَلِّي فِي لَيَالِي الْعَشْرِ كُلِّهَا حَتَّى يَبْرَأَ بِيَقِينٍ. وَصُورَةُ الطَّلَاقِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ فَتَطْلُقُ بِمُضِيِّ رَمَضَانَ وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُنْفَرِدًا قَالَ م ر: صَحَّ نَذْرُهُ لِأَنَّ صَوْمَهُ عِبَادَةٌ وَإِنَّمَا الْكَرَاهَةُ فِي إفْرَادِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ أُسْبُوعٍ ثُمَّ نَسِيَهُ صَامَ آخِرَ يَوْمٍ وَهُوَ: الْجُمُعَةُ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَنْذُورُ وَقَعَ أَدَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>