بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمُعَامَلَاتِ كَقِرَاضٍ وَشَرِكَةٍ وَعَبَّرَ بِالْبُيُوعِ دُونَ الْبَيْعِ الْمُنَاسِبِ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] وَلِطَرِيقِ الِاخْتِصَارِ نَظَرًا إلَى تَنَوُّعِهِ وَتَقْسِيمِ أَحْكَامِهِ، فَإِنَّهُ يَتَنَوَّعُ إلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي. وَأَحْكَامُهُ تَنْقَسِمُ إلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ، وَالصَّحِيحُ إلَى لَازِمٍ وَغَيْرِ لَازِمٍ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ.
وَالْبَيْعُ لُغَةً مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ قَالَ الشَّاعِرُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
[كِتَابُ الْبُيُوعِ]
ِ اعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ مُنْحَصِرٌ فِي أَطْرَافٍ خَمْسَةٍ: الصِّحَّةُ وَالْفَسَادُ، وَعَقَدُوا لَهُ بَابَ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ، وَالْجَوَازُ وَاللُّزُومُ، وَعَقَدُوا لَهُ بَابَ الْخِيَارِ، وَحُكْمُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، وَعَقَدُوا لَهُ بَابَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَأَلْفَاظٌ يَتْبَعُهَا غَيْرُ مُسَمَّاهَا لُغَةً، وَعَقَدُوا لَهُ بَابَ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالْمُحَاطَّةِ وَغَيْرِهَا وَالتَّخَالُفُ وَمُعَامَلَةُ الْعَبِيدِ وَهُوَ آخِرُ الْأَطْرَافِ؛ وَالْمَتْنُ هُنَا لَمْ يَذْكُرْ إلَّا الِاثْنَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَقِيَّةَ إلَّا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ.
وَلَمَّا أَنْهَى رُبْعَ الْعِبَادَاتِ الْمَقْصُودُ بِهَا التَّحْصِيلُ الْأُخْرَوِيُّ وَهِيَ أَهَمُّ مَا خُلِقَ لَهُ الْإِنْسَانُ أَعْقَبَهُ بِرُبْعِ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي الْمَقْصُودُ مِنْهَا التَّحْصِيلُ الدُّنْيَوِيُّ لِيَكُونَ سَبَبًا لِلْأُخْرَوِيِّ، وَأَخَّرَ عَنْهُمَا رُبْعَ النِّكَاحِ لِأَنَّ شَهْوَتَهُ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ شَهْوَةِ الْبَطْنِ، وَأَخَّرَ رُبْعَ الْجِنَايَاتِ وَالْمُخَاصَمَاتِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَالِبًا إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ. فَإِنْ قُلْت: الْبَيْعُ مَصْدَرٌ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ. قُلْت: أُجِيبَ بِأَنَّهُ جَمَعَهُ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ. وَأَفْرَدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ فَقَالَ: كِتَابُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ وَهُوَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ السَّلَمَ بِكِتَابٍ أَيْضًا. وَقِيلَ: مَحَلُّ كَوْنِهِ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ إنْ كَانَ لِلتَّوْكِيدِ. قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
وَمَا لِتَوْكِيدٍ فَوَحِّدْ أَبَدَا ... وَثَنِّ وَاجْمَعْ غَيْرَهُ وَأَفْرِدَا
قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهَا مِنْ الْمُعَامَلَاتِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ كَالسَّلَمِ وَالرَّهْنِ وَالشَّرِكَةِ وَالْإِجَارَةِ، فَنَحْوُ الْإِقْرَارِ وَالْغَصْبِ زِيَادَةٌ عَلَى التَّرْجَمَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا التَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْمَالِ مُطْلَقًا فَلَا زِيَادَةَ؛ لَكِنْ لَا يَخْفَى مَا فِي إطْلَاقِ الْمُعَامَلَةِ عَلَى نَحْوِ الْإِقْرَارِ وَالْغَصْبِ بَلْ عَلَى نَحْوِ الصُّلْحِ وَالْوَكَالَةِ مِنْ الْبُعْدِ؛ سم قَوْلُهُ: (فِي قَوْله تَعَالَى) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِلْبَيْعِ، أَيْ دُونَ الْبَيْعِ الْوَاقِعِ فِي قَوْله تَعَالَى إلَخْ قَوْلُهُ: (وَلِطَرِيقِ الِاخْتِصَارِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " لِلْآيَةِ " قَوْلُهُ: (نَظَرًا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَعَبَّرَ بِالْبُيُوعِ.
قَوْلُهُ: (كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْبُيُوعُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ مَعَ مَا زَادَهُ.
قَوْلُهُ: (مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ لِيَخْرُجَ رَدُّ السَّلَامِ فِي مُقَابَلَةِ ابْتِدَائِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute