للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَتِمَّةٌ: لَوْ أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ دَابَّةً لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا، أَوْ يَتَعَهَّدَهَا وَفَوَائِدُهَا بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى يُمْكِنُهُ إيجَارُ الدَّابَّةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إيرَادِ عَقْدٍ عَلَيْهَا فِيهِ غَرَرٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْفَوَائِدُ لَا تَحْصُلُ بِعَمَلِهِ. وَلَوْ أَعْطَاهَا لَهُ لِيَعْلِفَهَا مِنْ عِنْدِهِ بِنِصْفِ دَرِّهَا فَفَعَلَ ضَمِنَ لَهُ الْمَالِكُ الْعَلَفَ، وَضَمِنَ الْآخَرُ لِلْمَالِكِ نِصْفَ الدَّرِّ وَهُوَ الْقَدْرُ الْمَشْرُوطُ لَهُ لِحُصُولِهِ بِحُكْمِ بَيْعٍ فَاسِدٍ، وَلَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقَابَلَةٍ بَعُوضٍ. وَإِنْ قَالَ: لِتَعْلِفْهَا بِنِصْفِهَا فَفَعَلَ فَالنِّصْفُ الْمَشْرُوطُ مَضْمُونٌ عَلَى الْعَالِفِ لِحُصُولِهِ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ.

فَصْلٌ: فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ الْأَرْضُ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَحَدٌ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هُوَ الَّذِي لَمْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمَصِيرُ إلَيْهِ لِصِحَّةِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ رَحْمَةٌ وَلِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ لِذَلِكَ اهـ كَلَامُهُ. وَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ الْآنَ مُرَاعَاةً لِأَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ اهـ لِكَاتِبِهِ عَمَّهُ اللَّهُ بِالْغُفْرَانِ.

قَوْلُهُ: (لَوْ أَعْطَى شَخْصٌ إلَخْ) هَذِهِ تَقَدَّمَتْ بِعَيْنِهَا فِي الْمُسَاقَاةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَعَادَهَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهَا أج.

قَوْلُهُ: (لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا) أَيْ وَأُجْرَةُ الْعَمَلِ بَيْنَهُمَا.

قَوْلُهُ: (وَفَوَائِدُهَا) أَيْ مَا يَحْصُلُ مِنْهَا مِنْ أُجْرَةٍ وَنَحْوِهَا ق ل.

قَوْلُهُ: (لَا تَحْصُلُ بِعَمَلِهِ) وَهُوَ التَّعَهُّدُ. قَوْلُهُ: (نِصْفَ الدَّرِّ) أَيْ بَدَلَهُ.

قَوْلُهُ: (لِحُصُولِهِ) أَيْ الدَّرِّ أَوْ الْمَذْكُورِ مِنْ الدَّرِّ وَالْعَلَفِ، وَهُوَ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ أَظْهَرُ فِي الْأَوَّلِ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ) أَيْ فَهِيَ أَمَانَةٌ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهَا لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ اهـ م د. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقَابَلَةٍ بِعِوَضٍ) هَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَهَا مُعَارَةً مَعَهُ لِأَخْذِ اللَّبَنِ الَّذِي هُوَ لَهُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْهَا فَتَكُونُ مَضْمُونَةً فَرَاجِعْ وَتَأَمَّلْ ق ل؛ لَكِنْ نَحْنُ مَعَ الشَّارِحِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ.

قَوْلُهُ: (فَالنِّصْفُ الْمَشْرُوطُ مَضْمُونٌ) وَيَضْمَنُ لَهُ الْمَالِكُ جَمِيعَ الْعَلَفِ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ.

قَوْلُهُ: (دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْأَمَانَةِ فِي يَدِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلُ الدَّابَّةَ ق ل. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: سَمِّنْ هَذِهِ الشَّاةَ وَلَك نِصْفُهَا أَوْ هَاتَيْنِ عَلَى أَنَّ لَك إحْدَاهُمَا، لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ وَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِلنِّصْفِ الَّذِي سَمَّنَهُ لِلْمَالِكِ. وَهَذِهِ الْحَالَةُ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي الْفَرَارِيجِ بِدَفْعِ كَاشِفِ الْبَرِيَّةِ أَوْ مُلْتَزِمِ الْبَلَدِ لِبَعْضِ أَهْلِ الْبُيُوتِ الْمِائَةَ أَوْ الْأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، وَيَقُولُ لَهُمْ: رَبُّوهَا وَلَكُمْ نِصْفُهَا؛ فَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ وَمَنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ يَفْعَلُ هَكَذَا؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَظِيمًا عَلَى النَّاسِ اهـ خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ. اهـ. .

[فَصْلٌ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

أَيْ عِمَارَةِ الْأَرْضِ الْخَرِبَةِ، فَشَبَّهَ الْعِمَارَةَ بِالْإِحْيَاءِ وَأَطْلَقَهُ عَلَيْهَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ التَّصْرِيحِيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالْجَامِعُ الِانْتِفَاعُ فِي كُلٍّ مِنْ الْإِحْيَاءِ وَالْعِمَارَةِ أَوْ شَبَّهَ الْأَرْضَ الْخَرِبَةَ بِالْمَيِّتِ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ. وَإِثْبَاتُ الْإِحْيَاءِ تَخَيُّلٌ، وَالْجَامِعُ عَدَمُ النَّفْعِ فِي كُلٍّ، قَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَرْضُ مِلْكٌ لِلَّهِ ثُمَّ مَلَّكَهَا لِلشَّارِعِ ثُمَّ رَدَّهَا الشَّارِعُ عَلَى أُمَّتِهِ الْمُسْلِمِينَ. وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَقِبَ الْمُزَارَعَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِالْأَرْضِ.

قَوْلُهُ: (لَا مَالَك لَهَا) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا مَالِكَ لَهَا مَعْلُومٌ، فَيَكُونُ مِنْ الْمَوَاتِ مَا ظَهَرَ فِيهِ أَثَرُ مِلْكٍ كَغَرْسِ شَجَرٍ وَأَسَاسِ جُدْرَانٍ وَنَحْوِ أَوْتَادٍ، فَيَكُونُ أَعَمَّ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ أَرَادَ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالِكٌ أَصْلًا لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْمَوَاتِ، أَيْ فَلَا يَشْمَلُ الْعَامِرَ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ مَالِكُهُ، وَيُسَاوِي كَلَامَ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَالْمُرَادُ: لَمْ يَعْمُرْ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا عِبْرَةَ بِعِمَارَتِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا يَأْتِي ق ل. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي تَعْرِيفِ الْمَوَاتِ أَرْبَعُ عِبَارَاتٍ: عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيُّ وَعِبَارَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ، وَهِيَ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى أَوْ بَيْنَ بَعْضِهَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ أَوْ التَّرَادُفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>