للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ الْمُقْرِي هُنَا، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، إنْ كَانَ مَنْدُوبًا وَفِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّ قَوْلَ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَهَبَك أَلْفًا لَغْوٌ. لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَإِنْ كَانَتْ قُرْبَةً فِي نَفْسِهَا إلَّا أَنَّهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَتْ قُرْبَةً وَلَا مُحَرَّمَةً. فَكَانَتْ مُبَاحَةً كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَالْأَوْجَهُ انْعِقَادُ النَّذْرِ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ. وَفِي فَتَاوَى بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ يَصِحُّ نَذْرُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا بِمَا وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ. وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَالِمَةً بِالْمِقْدَارِ قِيَاسًا مَا إذَا قَالَ: نَذَرْت لِزَيْدٍ ثَمَرَةَ بُسْتَانِي مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَقِيَاسًا عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ مَا لَمْ يَرَهُ كَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَتُوبِعَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا أَوْ جِهَةً عَامَّةً.

خَاتِمَةٌ فِيهَا مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالنَّذْرِ: مَنْ نَذَرَ إتْمَامَ نَفْلٍ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ أَوْ نَذَرَ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ لَمْ يَنْعَقِدْ أَوْ نَذَرَ إتْيَانَ الْحَرَمِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ لَزِمَهُ نُسُكٌ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. أَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَيْهِ لَزِمَهُ مَعَ نُسُكٍ مَشْيٌ مِنْ مَسْكَنِهِ، أَوْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ مَاشِيًا أَوْ عَكْسُهُ لَزِمَهُ مَعَ ذَلِكَ مَشْيٌ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ، فَإِنْ رَكِبَ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ أَجْزَأَهُ وَلَزِمَهُ دَمٌ وَإِنْ رَكِبَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

نَذْرُهُ إذَا عَرَضَ طَلَبُهُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَيْثُ قَالَ: يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ عِنْدَ التَّوَقَانِ وَوُجُوهِ الْأُهْبَةِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مَنْدُوبًا) بِأَنْ كَانَ تَائِقًا وَوَجَدَ أُهْبَتَهُ. قَوْلُهُ: (لَغْوٌ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُبَاحَ) كَالْهِبَةِ هُنَا.

قَوْلُهُ: (وَالْأَوْجَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مِنْ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَقِيلَ: مِنْ نَذْرِ التَّبَرُّرِ.

قَوْلُهُ: (نَذْرُ الْمَرْأَةِ) كَنَذَرْتُ لِزَوْجِي مَا وَجَبَ لِي عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَكَأَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ ذَلِكَ فَيَبْرَأُ الزَّوْجُ وَيَكُونُ ذَلِكَ حِيلَةً فِي صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُبْرَأِ وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَعْدُومًا وَمَجْهُولًا وَوَجْهُ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُبَاحُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتْرُكَ لِزَوْجِهَا حَقَّهَا فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ نَذْرُهُ أَيْ التَّرْكُ لِإِبَاحَتِهِ فِي حَقِّهَا. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ) أَيْ وَإِذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَهُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا أَيْ فَيَكُونُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنُ الَّذِي لَمْ يَرَ الْمَوْقُوفُ نَظِيرَ الزَّوْجِ الَّذِي لَمْ يَرَ الْمُبْرَأَ مِنْهُ.

[خَاتِمَةٌ فِيهَا مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالنَّذْرِ]

قَوْلُهُ: (خَاتِمَةٌ) جُمْلَتُهَا سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) أَيْ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ إذَا شَرَعَ فِيهِ أَمَّا نَفْسُ النَّفْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى نَفْلِيَّتِهِ وَفَائِدَةُ نَذْرِ إتْمَامِهِ حُرْمَةُ إبْطَالِهِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ النَّفْلِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَرَمِ وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَجْزَاءِ مَكَّةَ كَدَارِ الْعَبَّاسِ. اهـ. ق ل قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: لِأَنَّ مُطْلَقَ كَلَامِ النَّاذِرِينَ يُحْمَلُ عَلَى مَا ثَبَتَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ كَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ يُحْمَلُ عَلَى الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا الدُّعَاءِ، وَالْمَعْهُودُ فِي الشَّرْعِ قَصْدُ الْكَعْبَةِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَحُمِلَ النَّذْرُ عَلَيْهِ سم.

وَقَالَ الزِّيَادِيُّ: لِأَنَّ ذِكْرَ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ أَوْ جُزْءٍ مِنْ الْحَرَمِ صَارَ مَوْضُوعًا شَرْعًا عَلَى الْتِزَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ اهـ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَزِمَهُ نُسُكٌ وَإِنْ نَفَى ذَلِكَ فِي نَذْرِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر بِأَنْ قَالَ: بِلَا حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَلْغُو النَّفْيُ قَالَ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَى ذَلِكَ فِي نَذْرِهِ بِخِلَافِ مَنْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِشَاةٍ مُعَيَّنَةٍ عَلَى أَنْ لَا يُفَرِّقَ لَحْمَهَا فَإِنَّ النَّذْرَ يَلْغُو وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّذْرَ وَالشَّرْطَ هُنَا تَضَادَّا فِي مُعَيَّنٍ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِاقْتِضَاءِ الْأَوَّلِ خُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ النَّذْرِ وَالثَّانِي بَقَاءَهَا فِي مِلْكِهِ بَعْدَ النَّذْرِ بِخِلَافِهِمَا ثَمَّ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ غَيْرُ النُّسُكِ فَلَمْ يُضَادَّ نَفْيُهُ الْإِتْيَانَ. اهـ. حَجّ بِحُرُوفِهِ وَمِثْلُهُ. وَفِي ق ل قَالَ ز ي: وَمَنْ نَذَرَ إتْيَانَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَهُوَ دَاخِلَ الْحَرَمِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَهُ احْتِمَالٌ بِاللُّزُومِ وَهُوَ الْمُتَّجِهُ لِأَنَّ ذِكْرَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَوْ جُزْءٍ مِنْ الْحَرَمِ فِي النَّذْرِ صَارَ مَوْضُوعًا شَرْعًا عَلَى الْتِزَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. وَمَنْ بِالْحَرَمِ يَصِحُّ نَذْرُهُ لَهُمَا فَيَلْزَمُهُ هُنَا أَحَدُهُمَا وَإِنْ نَذَرَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ الْمَسْجِدِ حَوْلَهَا اهـ. وَلَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ مَثَلًا إلَى عَرَفَاتٍ فَإِنْ نَوَى الْحَجَّ مَثَلًا لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. ق ل. لِأَنَّ عَرَفَاتٍ: لَيْسَتْ مِنْ الْحَرَمِ.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ مَعَ نُسُكٍ مَشْيٌ) وَالثَّانِي لَهُ الرُّكُوبُ كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ قَاعِدًا فَلَهُ الْقِيَامُ. وَفُرِّقَ بِأَنَّ مَا هُنَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِالْمَالِ وَبِأَنَّ الْمَنْذُورَ هُنَا وَصْفٌ وَذَاكَ جُزْءٌ فَهُوَ كَإِجْزَائِهِ عَنْ شَاةٍ مَنْذُورَةٍ ق ل.

قَوْلُهُ: (مِنْ مَسْكَنِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَشْيِ لَا بِالنُّسُكِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ) كَذَا فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَسَقَطَ مِنْهُ لَفْظُ مَاشِيًا سَهْوًا وَقَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ أَيْ نَذَرَ يَمْشِي حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا كَذَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>