الْمُهْمَلَةِ وَنِفَاسٌ. (وَلَوْنُهُ) أَيْ الدَّمِ الْأَقْوَى (أَسْوَدُ) ثُمَّ أَحْمَرُ فَهُوَ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَسْوَدِ وَقَوِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَشْقَرِ، وَالْأَشْقَرُ أَقْوَى مِنْ الْأَصْفَرِ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْأَكْدَرِ وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ أَقْوَى مِمَّا لَا رَائِحَةَ لَهُ، وَالثَّخِينُ أَقْوَى مِنْ الرَّقِيقِ وَالْأَسْوَدِ، (مُحْتَدِمٌ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ بَيْنَهُمَا مُثَنَّاةٌ فَوْقُ، أَيْ حَارٌّ مَأْخُوذٌ مِنْ احْتِدَامِ النَّهَارِ، وَهُوَ اشْتِدَادُ حَرِّهِ. (لَذَّاعٌ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ مُوجِعٌ. تَنْبِيهٌ: لَوْ خُلِقَ لِلْمَرْأَةِ فَرْجَانِ فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْأَحْدَاثِ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا حَيْضًا، وَلَوْ حَاضَ الْمُشْكَلُ مِنْ الْفَرْجِ وَأَمْنَى مِنْ الذَّكَرِ حَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ وَإِشْكَالِهِ أَوْ حَاضَ مِنْ الْفَرْجِ خَاصَّةً فَلَا يَثْبُتُ لِلدَّمِ حُكْمُ الْحَيْضِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ رَجُلًا، وَالْخَارِجُ دَمُ فَسَادٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
(وَالنِّفَاسُ) لُغَةً الْوِلَادَةُ وَشَرْعًا هُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عَقِبَ الْوِلَادَةِ أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِلْحَيْضِ عَشْرُ أَسْمَاءٍ وَخَمْسَتُهَا ... حَيْضٌ مَحِيضٌ مَحَاضٌ طَمْثٌ إكْبَارُ
طَمْسٌ عِرَاكٌ فِرَاكٌ مَعَ أَذًى ضَحِكٌ ... دَرْسٌ دِرَاسٌ نِفَاسٌ قُرْءٌ إعْصَارُ
قَوْلُهُ: (وَضَحِكٍ) وَمِنْهُ: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} [هود: ٧١] فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِ حَاضَتْ قَالَ م ر: وَلَا كَرَاهَةَ فِي تَسْمِيَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا أَيْ: لِأَنَّ غَالِبَ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَالْأَحَادِيثِ.
قَوْلُهُ: (وَنِفَاسٌ) وَمِنْهُ «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَائِشَةَ: أَنَفِسْتِ» بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ السِّينِ أَيْ حِضْتِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَلِدْ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْنُهُ أَسْوَدُ إلَخْ) لَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ سُؤَالٌ، وَهُوَ أَنَّ اللَّوْنَ لَا يَنْحَصِرُ فِي السَّوَادِ. فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ اللَّوْنُ الْأَقْوَى غَالِبًا، وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ أَقْوَى. وَأَجَابَ سم أَيْ اللَّوْنُ الْأَصْلِيُّ. وَالْحَاصِلُ؛ أَنَّ الصُّوَرَ لِأَلْوَانِ الدِّمَاءِ وَصِفَاتِهَا أَلْفٌ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَلْوَانَ خَمْسَةٌ وَهِيَ: أَسْوَدُ وَأَحْمَرُ وَأَشْقَرُ وَأَصْفَرُ وَأَكْدَرُ، وَالصِّفَاتُ أَرْبَعَةٌ: إمَّا ثَخِينٌ أَوْ مُنْتِنٌ أَوْ هُمَا أَوْ مُجَرَّدٌ عَنْهُمَا، فَإِذَا ضُرِبَتْ صِفَاتُ الْأَوَّلِ فِي صِفَاتِ الثَّانِي ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي صِفَاتِ الثَّالِثِ، وَهَكَذَا بَلَغَتْ مَا ذَكَرَ، فَإِنْ اسْتَوَى دَمَانِ قُدِّمَ السَّابِقُ كَأَسْوَدَ ثَخِينٍ وَأَحْمَرَ ثَخِينٍ مُنْتِنٍ بِإِحْدَى الصِّفَتَيْنِ تَجْبُرُ ضَعْفَهُ، وَالْأُخْرَى تُقَابِلُ الْأُخْرَى، فَيَسْتَوِيَانِ. وَكَأَحْمَرَ مُنْتِنٍ أَوْ ثَخِينٍ مَعَ أَسْوَدَ مُجَرَّدٍ فَهُمَا مُسْتَوِيَانِ شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَسْوَدُ) أَيْ ذُو سَوَادٍ وَهُوَ نَفْسُهُ مُحْتَدِمٌ لَذَّاعٌ، أَوْ الْمَعْنَى وَصِفَتُهُ أَنَّهُ أَسْوَدُ مُحْتَدِمٌ لَذَّاعٌ. اهـ. سم. وَقَوْلُهُ: أَيْ ذُو سَوَادٍ إنَّمَا فَسَّرَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّوْنَ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ أَسْوَدَ، وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِهِ الدَّمُ وَاللَّوْنُ يُوصَفُ بِالسَّوَادِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ مُحْتَدِمٌ إلَخْ. فَهُوَ وَصْفٌ لِلدَّمِ لَا لِلَّوْنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ سم بِقَوْلِهِ: وَهُوَ نَفْسُهُ مُحْتَدِمٌ إلَخْ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ) وَيُقَالُ لِذَوَاتِ السَّمُومِ لَدْغٌ بِمُهْمَلَةٍ فَمُعْجَمَة، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ الَأُجْهُورِيُّ فَقَالَ:
وَلَدْغٌ لِذِي سُمٍّ بِإِهْمَالِ أَوَّلَ ... وَفِي النَّارِ بِالْإِهْمَالِ لِلثَّانِ فَاعْرِفَا
وَالْإِعْجَامُ فِي كُلٍّ وَالْإِهْمَالُ فِيهِمَا ... مِنْ الْمُهْمَلِ الْمَتْرُوكِ حَقًّا بِلَا خَفَا
وَقَوْلُهُ: لِلثَّانِ أَيْ مَعَ إعْجَامِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ فِي كُلٍّ أَيْ إعْجَامِ الْحَرْفَيْنِ وَإِهْمَالِهِمَا فِي ذِي سُمٍّ، وَالنَّارُ مُهْمَلٌ.
قَوْلُهُ: (فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْأَحْدَاثِ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ، أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا، وَالْآخَرُ زَائِدًا وَتَمَيَّزَ، فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا خَرَجَ مِنْ الْأَصْلِيِّ قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرَ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَصْلِيٌّ وَزَائِدٌ، وَاشْتَبَهَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَحْكُمَ بِالْحَيْضِ، وَلِيَنْظُرَ فِيمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا، وَالْآخَرُ زَائِدًا مُسَامَتًا، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْأَصْلِيَّيْنِ أَيْ: فَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهِمَا فَتَأَمَّلْ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْأَصْلِيِّ لَا الزَّائِدِ الْمُسَامَتِ
[دَمُ النِّفَاسُ]
قَوْلُهُ: (أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ) إنَّمَا فَسَّرَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ يَشْمَلُ الدَّمَ الْخَارِجَ بَعْدَ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ،