فِيهِمَا وَجَبَ رَكْعَتَانِ، أَوْ أَرْبَعٌ جَهِلَ مَحَلَّهَا وَجَبَ سَجْدَةٌ ثُمَّ رَكْعَتَانِ، أَوْ خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ جَهِلَ مَحَلَّهَا فَثَلَاثٌ، أَوْ سَبْعٌ جَهِلَ مَحَلَّهَا فَسَجْدَةٌ ثُمَّ ثَلَاثٌ، وَفِي ثَمَانِ سَجَدَاتٍ سَجْدَتَانِ وَثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِتَرْكِ طُمَأْنِينَةٍ وَسُجُودٍ عَلَى عِمَامَةٍ، وَكَالْعِلْمِ بِتَرْكِ مَا ذُكِرَ الشَّكُّ فِيهِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْأَرْكَانِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ السُّنَنِ فَقَالَ: (وَسُنَنُهَا) أَيْ الْمَكْتُوبَةِ (قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا) أَيْ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهَا (شَيْئَانِ) : الْأَوَّلُ (الْأَذَانُ) وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ لُغَةً الْإِعْلَامُ قَالَ تَعَالَى {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: ٢٧] أَيْ أَعْلِمْهُمْ بِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
تَذَكَّرَ أَنَّهُ الْأَخِيرُ وَإِلَّا بَنَى عَلَى الْيَقِينِ وَهُوَ الْأَقَلُّ وَكَمَّلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: (رُبَاعِيَّةٍ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ نِسْبَةً إلَى رُبَاعِ الْمَعْدُولِ عَنْ أَرْبَعٍ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالرُّبَاعِيَّةِ لِأَنَّ الْأَحْوَالَ الْآتِيَةَ لَا تَأْتِي فِي غَيْرِهَا اهـ م د.
قَوْلُهُ: (مَحَلَّ الْخَمْسِ) أَيْ عَلَى التَّوْزِيعِ قَوْلُهُ: (وَجَبَ رَكْعَتَانِ) أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ وَهُوَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَرْكُ سَجْدَةٍ مِنْ الْأُولَى وَسَجْدَةٍ مِنْ الثَّالِثَةِ، فَتُجْبَرَانِ بِالثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ وَيَلْغُو بَاقِيهِمَا. وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ تَرَكَ ذَلِكَ وَسَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى، وَقَوْلُهُ وَجَبَ سَجْدَةٌ ثُمَّ رَكْعَتَانِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الْأُولَى وَسَجْدَةً مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةً مِنْ الرَّابِعَةِ. فَالْحَاصِلُ لَهُ رَكْعَتَانِ إلَّا سَجْدَةً إذْ الْأُولَى تَتِمُّ بِسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةُ نَاقِصَةٌ سَجْدَةً فَيُتِمُّهَا، وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: (فَثَلَاثٌ) أَيْ فَثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ فِي الْخَمْسِ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الْأُولَى وَسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةً مِنْ الثَّالِثَةِ، فَتَتِمُّ الْأُولَى بِسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَأَنَّهُ فِي السِّتِّ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ (جَهِلَ مَحَلَّهَا) لَيْسَ بِقَيْدٍ مَرْحُومِيٌّ قَوْلُهُ: (وَفِي ثَمَانِ سَجَدَاتٍ) لَمْ يَقُلْ جَهِلَ مَحَلَّهَا لِعَدَمِ تَأَتِّيه، وَفِيهِ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْجَهْلُ فِيهَا أَيْضًا كَأَنْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ وَهُوَ فِي الِاعْتِدَالِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ سَجْدَتَيْنِ وَلَا يُحْسَبَانِ لَهُ، فَيُمْكِنُ أَنْ تُبْهَمَ الثَّمَانِيَةُ فِي الْعَشَرَةِ وَيَجْهَلَ مَحَلَّهَا شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَفِي ثَمَانِ سَجَدَاتٍ إلَخْ لَمْ يَقُلْ هُنَا جَهِلَ مَوْضِعَهَا مَعَ إمْكَانِهِ كَأَنْ اقْتَدَى مَسْبُوقٌ فِي اعْتِدَالٍ، فَأَتَى مَعَ الْإِمَامِ بِسَجْدَتَيْنِ وَسَجَدَ إمَامُهُ لِلسَّهْوِ سَجْدَتَيْنِ، وَقَرَأَ إمَامُهُ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي ثَانِيَةٍ مَثَلًا فَسَجَدَ وَسَجَدَ هُوَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لِسَهْوِ إمَامِهِ، ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ تَرَكَ ثَمَانِ سَجَدَاتٍ لِكَوْنِهَا عَلَى عِمَامَتِهِ فِي أَنَّهَا سَجَدَاتُ صَلَاتِهِ أَوْ مَا أَتَى بِهِ لِلسَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ وَالْمُتَابَعَةِ، أَوْ أَنَّ بَعْضَهُ مِنْ أَرْكَانِ صَلَاتِهِ وَبَعْضَهُ مِنْ غَيْرِهَا، فَيُحْمَلُ الْمَتْرُوكُ عَلَى أَنَّهَا سَجَدَاتُ صَلَاتِهِ لِأَنَّ غَيْرَهَا بِتَقْدِيرِ الْإِتْيَانِ بِهِ لَا يَقُومُ مَقَامَ سُجُودِ صَلَاتِهِ لِعَدَمِ شُمُولِ النِّيَّةِ لَهُ قَوْلُهُ: (وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُقَالُ لَا تُتَصَوَّرُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ السُّجُودِ، فَنَبَّهَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ خَفِيًّا اهـ اط ف. وَقَالَ ق ل: دَفْعٌ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ إذْ لَمْ يَسْجُدْ لَمْ يُتَصَوَّرْ الشَّكُّ أَوْ الْجَهْلُ فَتَأَمَّلْ.
[سُنَنُ الصَّلَاة]
قَوْلُهُ: (وَسُنَنُهَا أَيْ الْمَكْتُوبَةُ) أَيْ فَيَكُونُ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ اسْتِخْدَامٌ حَيْثُ أَرَادَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَأَرْكَانُ الصَّلَاةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ الصَّلَاةَ مُطْلَقًا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا بِمَعْنَى الْمَكْتُوبَةِ، وَهَلْ الْمُرَادُ وَلَوْ بِحَسَبِ الْأَصْلِ فَيُؤَذِّنُ لِلْمُعَادَةِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلْهَا عَقِبَ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ تَلْحَقُ بِالنَّفْلِ الَّذِي تُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَيُقَالُ فِيهَا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ؟ النَّفْسُ إلَى الثَّانِي أَمْيَلُ كَمَا قَالَهُ سم. وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلُهُ الْمَكْتُوبَةِ، خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمَكْتُوبَةِ الْمُعَادَةُ فَلَا يُسَنُّ لَهَا الْأَذَانُ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ اهـ قَوْلُهُ: (الْأَذَانُ) أَصْلُهُ النَّدْبُ وَقَدْ يَجِبُ بِالنَّذْرِ وَيَحْرُمُ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَمِنْ الْمَرْأَةِ إنْ رَفَعَتْ صَوْتَهَا أَوْ قَصَدَتْ التَّشْبِيهَ بِالرِّجَالِ، وَيُكْرَهُ مِنْ فَاسِقٍ وَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَأَعْمَى وَحْدَهُ كَمَا يَأْتِي وَلَا تَعْتَرِيهِ الْإِبَاحَةُ وَهُوَ كَالْإِقَامَةِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ. وَشُرِعَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ وَالْأَذَانُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ ضُمَّتْ إلَيْهَا الْإِمَامَةُ عَلَى الرَّاجِحِ وَهُمَا سُنَّةُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ الْجَمَاعَةِ، وَسُنَّةُ عَيْنٍ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ، وَالسُّنَنُ عَلَى الْكِفَايَةِ سِتٌّ الْأُولَى الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ عَلَى الصَّحِيحِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute