للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَائِدَةٌ: سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ فِي كُلِّ آيَةٍ مِنْهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ سُورَةٌ تُشَابِهُهَا وَهِيَ نِصْفُ الْقُرْآنِ عَدَدًا وَعُشْرُهُ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ.

وَأَرْكَانُ الظِّهَارِ أَرْبَعَةٌ: صِيغَةٌ وَمُظَاهِرٌ، وَمُظَاهَرٌ مِنْهَا وَمُشَبَّهٌ بِهِ وَكُلُّهَا تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: (وَالظِّهَارُ أَنْ يَقُولَ) أَيْ وَصِيغَتُهُ وَهُوَ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ: (الرَّجُلُ) أَيْ الزَّوْجُ، وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي (لِزَوْجَتِهِ) أَيْ الْمُظَاهَرُ مِنْهَا وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ (أَنْتِ عَلَيَّ) أَوْ مِنِّي أَوْ مَعِي أَوْ عِنْدِي (كَظَهْرِ أُمِّي) أَيْ مَرْكَبِي مِنْك حَرَامٌ كَمَرْكَبِي مِنْ أُمِّي وَهَذَا هُوَ الْمُشَبَّهُ بِهِ وَهُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ، فَقَدْ حَصَلَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَمِيعُ الْأَرْكَانِ وَلَكِنْ لَهَا شُرُوطٌ: فَشُرِطَ فِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالظِّهَارِ. وَفِي مَعْنَاهُ: مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ وَذَلِكَ إمَّا صَرِيحٌ كَأَنْتِ أَوْ رَأْسُك أَوْ يَدُك وَلَوْ بِدُونِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَيَدِهَا أَوْ كِنَايَةٌ كَأَنْتِ كَأُمِّي أَوْ كَعَيْنِهَا أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يُذْكَرُ لِلْكَرَامَةِ كَرَأْسِهَا. وَشُرِطَ فِي الْمُظَاهِرِ كَوْنُهُ زَوْجًا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَوْ خَصِيًّا أَوْ مَجْبُوبًا أَوْ سَكْرَانًا فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ وَإِنْ نَكَحَ مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا وَلَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ، وَشُرِطَ فِي الْمُظَاهِرِ مِنْهَا كَوْنُهَا زَوْجَةً، وَلَوْ أَمَةً أَوْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ رَتْقَاءَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

تُشْبِهُ الْأُمَّ اهـ. بَيْضَاوِيٌّ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ. قَوْلُهُ: (سُورَةُ الْمُجَادِلَةِ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ الْمَرْأَةِ الْمُجَادِلَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْرُوفُ الْجَارِي عَلَى الْأَلْسِنَةِ بِفَتْحِ الدَّالِ فَالصَّوَابُ كَسْرُهَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ مُلَّا عَلَى قَارِّي عَلَى الْجَلَالَيْنِ وَضَبَطَهُ أَيْضًا فِي الْكَشْفِ بِكَسْرِ الدَّالِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ نِصْفُ الْقُرْآنِ) فَمِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ إلَيْهَا سَبْعٌ وَخَمْسُونَ سُورَةً وَمِنْهَا إلَى الْآخِرِ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ. قَوْلُهُ: (بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ) لِأَنَّ مِنْهَا إلَى الْآخِرِ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ وَقَدْ أَشَارَ لِهَذَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: مَا قَوْلُ مَنْ فَاقَ جَمِيعَ الْوَرَى وَدَوَّنَ الْعِلْمَ بِأَفْكَارِهِ فِي أَيِّ شَيْءٍ نِصْفُهُ عُشْرُهُ وَنِصْفُهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ وَهُوَ الْقُرْآنُ لِأَنَّ نِصْفَهُ الْأَخِيرَ عَدَدًا عُشْرُهُ وَنِصْفُهُ الْأَعْلَى تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ.

[أَرْكَانُ الظِّهَارِ]

قَوْلُهُ: (أَيْ مَرْكَبِي) أَيْ مَحَلُّ رُكُوبِي عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَكَانِ أَوْ نَفْسُ رُكُوبِي عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ.

قَوْلُهُ: (كَأَنْتِ أَوْ رَأْسُك أَوْ يَدُك) أَوْ شَعْرُك أَوْ ظُفْرُك وَنَحْوُ ذَلِكَ، مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ بِخِلَافِ الْبَاطِنَةِ كَالْكَبِدِ وَالْقَلْبِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ ظِهَارًا ح ل. وَنُقِلَ عَنْ مَرَّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ فَلَا يَكُونُ ذِكْرُهَا ظِهَارًا فِي الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا حَتَّى تُوصَفَ بِالْحُرْمَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَشَمَلَ كَلَامُهُ تَشْبِيهَ الْبَاطِنِ بِالْبَاطِنِ وَبِالظَّاهِرِ وَتَشْبِيهَ الظَّاهِرِ بِالْبَاطِنِ فَلَا يَكُونُ ظِهَارًا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَخَرَجَ بِالْأَعْضَاءِ الْفَضَلَاتُ فَلَا ظِهَارَ بِهَا مُطْلَقًا كَاللَّبَنِ وَالْمَنِيِّ اهـ بِالْحَرْفِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ يَدُك) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا يَدٌ فَهُوَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ سم وَبِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كِنَايَةٌ) أَيْ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَنِيَّةُ الظِّهَارِ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ أَنْ يَنْوِيَ أَنَّهَا كَظَهْرِ أُمِّهِ فِي التَّحْرِيمِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَبْدًا) وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ التَّكْفِيرُ بِالْإِعْتَاقِ لِإِمْكَانِ تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ، وَجُمْلَةُ التَّعْمِيمَاتِ خَمْسٌ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَافِرًا) أَيْ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَجْبُوبًا) وَمِثْلُهُ الْمَمْسُوحُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِيلَاءِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ الْجِمَاعُ لَا هُنَا لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا مَا يَشْمَلُ التَّمَتُّعَ ح ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ سَكْرَانًا) أَيْ مُتَعَدِّيًا لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَهُوَ فِي كَلَامِهِ مَصْرُوفٌ لُغَةٌ أَسَدِيَةٌ وَقَيْسٌ عَلَيْهَا مَا وَقَعَ لِلشَّارِحِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي الْكَافِيَةِ:

وَبَابُ سَكْرَانَ لَدَى بَنِي أَسَدٍ ... مَصْرُوفٌ إذْ بِالتَّاءِ عَنْهُمْ اُطْرُدْ

وَوُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِمَنْعِهِ مِنْ الصَّرْفِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ) وَلَا مِنْ الزَّوْجَةِ فِي قَوْلِهَا لِزَوْجِهَا أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي وَأَنَا عَلَيْك كَظَهْرِ أُمِّك أَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُهُمْ، شَرْحُ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (وَمَجْنُونٍ) إلَّا إنْ عُلِّقَ بِصِفَةٍ وَوُجِدَتْ فِي حَالِ جُنُونِهِ ح ل. قَوْلُهُ: (كَوْنُهَا زَوْجَةً) قَدْ يُقَالُ هُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ زَوْجٌ، وَقَدْ يُقَالُ أَتَى بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَوْ أَمَةً ح ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ صَغِيرَةً) وَإِنْ لَمْ تُطْلَقْ.

قَوْلُهُ: (لَا أَجْنَبِيَّةً) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: زَوْجَةً قَوْلُهُ: (وَلَوْ مُخْتَلِعَةً) غَايَةٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَمَةً أَيْ مِلْكًا لَهُ قَوْلُهُ: (كَالطَّلَاقِ) أَيْ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْمُخْتَلِعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>