للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ فِي مُسْلِمٍ: «وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ» . تَنْبِيهٌ: لِلْعَصْرِ سَبْعَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ، وَوَقْتُ عُذْرٍ، وَقْتُ الظُّهْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ، وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ، وَوَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ، وَوَقْتُ حُرْمَةٍ، وَهُوَ آخِرُ وَقْتِهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا. وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا أَدَاءٌ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ ثَامِنًا وَهُوَ وَقْتُ الْقَضَاءِ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ أَفْسَدَهَا عَمْدًا، فَإِنَّهَا تَصِيرُ قَضَاءً كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْمُتَوَلِّي فِي التَّتِمَّةِ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ، وَلَكِنَّ هَذَا رَأْيٌ ضَعِيفٌ.

(وَالْمَغْرِبُ) أَيْ صَلَاتُهَا (وَوَقْتُهَا وَاحِدٌ) أَيْ لَا اخْتِيَارَ فِيهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَارِّ (وَهُوَ) أَيْ أَوَّلُهُ يَدْخُلُ بَعْدَ (غُرُوبِ الشَّمْسِ) لِحَدِيثِ جِبْرِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِفِعْلِهَا عَقِبَ الْغُرُوبِ، وَأَصْلُ الْغُرُوبِ الْبُعْدُ يُقَالُ: غَرَبَ بِفَتْحِ الرَّاءِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِيهِ تَسَمُّحٌ حَيْثُ أَدْخَلَ وَقْتَ الْحُرْمَةِ وَالضَّرُورَةِ فِي وَقْتِ الْجَوَازِ قَوْلُهُ: (فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ) أَيْ مُؤَدَّاةً.

قَوْلُهُ: (رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا قَبْلَهُ أَدْرَكَ الْعَصْرَ اسْتِمْرَارُ الْوَقْتِ إلَى تَمَامِهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ، أَوْ دَفَعَ تَوَهُّمَ أَنَّهُ إنْ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ خَرَجَ الْوَقْتُ فَنَصَّ عَلَى بَقَائِهِ إلَى الْغُرُوبِ شَوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (بِلَا كَرَاهَةٍ) أَيْ إلَى الِاصْفِرَارِ وَبِهَا إلَى الْغُرُوبِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ) أَيْ إلَى الْغُرُوبِ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا أَدَاءٌ) أَيْ بِأَنْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فَأَكْثَرَ فِي الْوَقْتِ.

قَوْلُهُ: (وَزَادَ بَعْضُهُمْ ثَامِنًا إلَخْ) وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا وَقْتًا تَاسِعًا يَجْرِي فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ يُسَمَّى وَقْتَ إدْرَاكٍ، وَهُوَ مَا لَوْ طَرَأَ الْمَانِعُ كَالْحَيْضِ وَالْجُنُونِ بَعْدَ إدْرَاكِ زَمَنٍ مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ اج.

قَوْلُهُ: (وَلَكِنَّ هَذَا رَأْيٌ ضَعِيفٌ) وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَدَاءٌ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا. اهـ. م ر.

[وَقْتُ الْمَغْرِب]

قَوْلُهُ: (وَالْمَغْرِبُ) هُوَ لُغَةً زَمَانُ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ زَمَانٍ، وَاصْطِلَاحًا الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ الَّتِي تُفْعَلُ عَقِبَهُ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (أَيْ صَلَاتُهَا) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَغْرِبَ اسْمٌ لِزَمَنِ الْغُرُوبِ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِ الْمُضَافِ. وَقَوْلُهُ بَعْدُ: قَوْلُهُ: (سُمِّيَتْ بِذَلِكَ) إلَخْ. يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَغْرِبَ اسْمٌ لِلصَّلَاةِ فَفِيهِ تَنَاقُضٌ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَغْرِبُ لُغَةً زَمَنَ الْغُرُوبِ فَسَّرَهُ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ هُنَا وَهُوَ الصَّلَاةُ بِقَوْلِهِ أَيْ: صَلَاتُهَا. وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً فِي قَوْلِهِ صَلَاتُهَا. وَقَوْلُهُ: بَعْدُ: سُمِّيَتْ إلَخْ. بَيَانٌ لِوَجْهِ التَّسْمِيَةِ فَلَا مُنَافَاةَ تَأَمَّلْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي مِنْ الْأَوْقَاتِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ لَا اخْتِيَارَ فِيهِ) أَيْ لَا اخْتِيَارَ فِيهِ زَائِدٌ عَلَى وَقْتِ الْفَضِيلَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَقْتَ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَهُوَ بِقَدْرِ الِاخْتِيَارِ فَهُوَ مُرَادِفٌ لَهُ هُنَا كَمَا يَأْتِي، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا وَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي الْحَوَاشِي كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَارِّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ غُرُوبِ إلَخْ) فِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ تَصْحِيحِ كَلَامِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ وَقْتَهَا غُرُوبُ الشَّمْسِ مَعَ أَنَّهُ بَعْدَهُ، وَالْمُرَادُ الْغُرُوبُ الْكَامِلُ الَّذِي لَا عَوْدَ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (غُرُوبُ الشَّمْسِ) وَلَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ كَرَامَةً لِبَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ، فَلَوْ عَادَتْ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَادَ الْوَقْتُ وَوَجَبَ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ إنْ كَانَ صَلَّاهَا، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ أَفْطَرَ نَهَارًا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى الْعَصْرَ يُصَلِّيهَا أَدَاءً وَهَلْ يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى الْغُرُوبِ الْأَوَّلِ أَوْ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ إثْمِهِ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي وَيَشْهَدُ لَهُ قِصَّةُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهِيَ كَمَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ: «أَنَّهُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَامَ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ، فَكَرِهَ أَنْ يُوقِظَهُ فَفَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنَّهُ كَانَ فِي طَاعَتِك وَطَاعَةِ رَسُولِك فَرُدَّهَا عَلَيْهِ فَرَجَعَتْ الشَّمْسُ حَتَّى صَلَّى عَلِيٌّ الْعَصْرَ» . وَعَلَى ذَلِكَ يُقَالُ رَجُلٌ أَحْرَمَ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ قَضَاءً عَالِمًا بِفَوَاتِ الْوَقْتِ فَوَقَعَتْ أَدَاءً. وَصُورَتُهُ: أَحْرَمَ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ طَلَعَتْ. قَالَ ح ل: وَلَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ فِي بَلَدٍ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ ثُمَّ سَافَرَ إلَى بَلَدٍ فَوَجَدَ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>