وَلَوْ كَانَ اللَّقِيطُ امْرَأَةً مُتَزَوِّجَةً وَلَوْ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهَا وَتُسَلَّمُ لِزَوْجِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، وَيُسَافِرُ بِهَا زَوْجُهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا وَوَلَدُهَا قَبْلَ إقْرَارِهَا حُرٌّ وَبَعْدَهُ رَقِيقٌ.
فَصْلٌ: فِي الْوَدِيعَةِ
تُقَالُ عَلَى الْإِيدَاعِ وَعَلَى الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ
وَمُنَاسَبَةُ ذِكْرِهَا بَعْدَ اللَّقِيطِ ظَاهِرَةٌ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] وَخَبَرُ «أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» وَلِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
شَرْحِ الرَّوْضِ. وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ لِنَفْسِهِ فَيَلْزَمُ مِنْ دَعْوَاهُ الرِّقَّ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ وَفِيهِ إضْرَارٌ بِهِ.
[فَرْعٌ أَقَرَّتْ حَامِلٌ بِالرِّقِّ]
ِّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتْبَعَهَا الْحَمْلُ، رَاجِعْهُ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ اللَّقِيطُ امْرَأَةً) هَذَا يَتَفَرَّعُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ إلَخْ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ قَوْلُهُ " أَمَّا التَّصَرُّفُ الْمَاضِي " لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " فَلَوْ لَزِمَهُ دَيْنٌ " فَيَكُونُ الْمُضِرُّ بِغَيْرِهِ لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِالزَّوْجِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يُتَوَهَّمُ فِيهِ انْفِسَاخُ النِّكَاحِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْفَسِخْ) لِأَنَّ انْفِسَاخَهُ يَضُرُّ بِالزَّوْجِ شَرْحُ الرَّوْضِ. أَيْ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ، فِي تَصَرُّفٍ مَاضٍ يَضُرُّ بِغَيْرِهِ، أَيْ وَإِنْ كَانَ فَسْخُهُ مُضِرًّا بِهَا أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَبَعْدَهُ رَقِيقٌ) أَيْ تَبَعًا لَهَا مَمْلُوكٌ لِمَنْ أَقَرَّتْ لَهُ ق ل. قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ لِلطَّلَاقِ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ بِالنَّظَرِ لِلزَّوْجِ لِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالرِّقِّ لَا يُقْبَلُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَبِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ لِلْمَوْتِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا مَاتَ حُكِمَ بِرِقِّهَا بِالنَّظَرِ لِلسَّيِّدِ لِأَصَالَتِهِ بِالنَّظَرِ لِإِقْرَارِهَا، وَعِدَّةُ الرَّقِيقَةِ مَا ذُكِرَ.
[فَصْلٌ فِي الْوَدِيعَةِ]
هِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ وَذَكَرَهَا عَقِبَ اللُّقَطَةِ وَمَا بَعْدَهَا لِمُشَارَكَتِهَا لَهُمَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ مُعَاوَنَةٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَذَكَرَهَا فِي الْمَنْهَجِ عَقِبَ الْإِيصَاءِ لِأَنَّ الْمُودِعَ جَعَلَ الْوَدِيعَ وَصِيًّا عَلَى الْوَدِيعَةِ مِنْ جِهَةِ حِفْظِهَا وَتَعَهُّدِهَا وَإِنْ كَانَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَلِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يُوصَى بِهِ نَدْبًا أَوْ وُجُوبًا وَلِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ بِلَا وَارِثٍ يَصِيرُ كَالْوَدِيعَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِلْمُسْلِمِينَ
قَوْلُهُ تُقَالُ أَيْ تُطْلَقُ عَلَى الْإِيدَاعِ أَيْ شَرْعًا فَقَطْ وَهُوَ الْعَقْدُ وَهُوَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِلَّا فَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْفِعْلُ وَهُوَ دَفْعُهَا لِلْوَدِيعِ ن ز وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ أَيْ شَرْعًا وَلُغَةً وَقَدْ اُسْتُعْمِلَتْ فِي هَذَا الْبَابِ بِالْمَعْنَيَيْنِ فَمِنْ اسْتِعْمَالِهَا بِمَعْنَى الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ قَوْلُهُ الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ وَقَوْلُهُ وَلَا تُضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي وَمِنْ اسْتِعْمَالِهَا بِمَعْنَى الْعَقْدِ قَوْلُهُ وَأَرْكَانُهَا شَيْخُنَا وَالْإِيدَاعُ لُغَةً وَضْعُ الشَّيْءِ عِنْدَ غَيْرِ صَاحِبِهِ لِلْحِفْظِ وَشَرْعًا تَوْكِيلٌ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ لِآخَرَ بِحِفْظِ مَالٍ أَوْ اخْتِصَاصٍ فَخَرَجَ بِتَوْكِيلِ اللُّقَطَةِ وَالْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لِأَنَّ الِائْتِمَانَ فِيهِمَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَيَتَفَرَّغُ عَلَى كَوْنِهِ تَوْكِيلًا أَنَّ الْإِيدَاعَ عَقْدٌ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر هِيَ لُغَةً مَا وُضِعَ عِنْدَ غَيْرِ مَالِكِهِ لِحِفْظِهِ وَشَرْعًا الْعَقْدُ الْمُقْتَضِي لِلِاسْتِحْفَاظِ أَوْ الْعَيْنُ الْمُسْتَحْفَظَةُ حَقِيقَةً فِيهِمَا وَتَصِحُّ إرَادَتُهُمَا وَإِرَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي التَّرْجَمَةِ قَوْلُهُ ظَاهِرَةٌ لَعَلَّ وَجْهَهُ سُكُونُهَا تَحْتَ يَدِ الْوَدِيعِ كَمَا أَنَّ اللَّقِيطَ تَحْتَ يَدِ الْمُلْتَقِطِ وَرِعَايَتِهِ وَبِخَطِّ الَأُجْهُورِيُّ هُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمَانَةٌ م د وَاللَّقِيطُ يُشْبِهُ الْأَمَانَةَ مِنْ جِهَةِ وُجُوبِ حِفْظِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجِبُ حِفْظُهُ
قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى إلَخْ فِيهِ أَنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الرَّدِّ لَا عَلَى الْإِيدَاعِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالرَّدِّ يَسْتَلْزِمُ تَقَدُّمَ الْإِيدَاعِ قَوْلُهُ يَأْمُرُكُمْ إلَخْ أَيْ كُلُّ مَنْ كَانَ بِيَدِهِ أَمَانَةٌ وَطَلَبَهَا مَالِكُهَا وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهَا لَهُ فَالْآيَةُ مِنْ