للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ كَلَّمْتِ رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ أَبَاهَا أَوْ أَحَدًا مِنْ مَحَارِمِهَا طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ، فَإِنْ قَالَ: قَصَدْتُ مَنْعَهَا مِنْ مُكَالَمَةِ الْأَجَانِبِ قُبِلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ. وَفُرُوعُ الطَّلَاقِ لَا تَنْحَصِرُ، وَفِي هَذَا الْقَدْرِ كِفَايَةٌ لِهَذَا الْمُخْتَصَرِ الَّذِي عَمَّ نَفْعُهُ فِي الْوُجُودِ وَنَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَرَحِمَ مُؤَلِّفَهُ وَشَارِحِيهِ.

فَصْلٌ: فِي الرَّجْعَةِ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ عِنْدَ الْأَزْهَرِيِّ وَهِيَ لُغَةً الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ وَشَرْعًا رَدُّ الْمَرْأَةِ إلَى النِّكَاحِ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ بَائِنٍ فِي الْعِدَّةِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي. وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: ٢٢٨] أَيْ فِي الْعِدَّةِ {إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: ٢٢٨] أَيْ رَجْعَةً كَمَا قَالَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَلَوْ بِقَصْدِ زَيْدٍ. اهـ. م د، أَيْ بِقَصْدِ سَمَاعِهِ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ.

تَنْبِيهٌ: الْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ بِحَقٍّ كَالْمُخْتَارِ كَمَا فِي الْمَوْلَى وَلَوْ ادَّعَى وُقُوعَ الطَّلَاقِ مِنْهُ حَالَ صِبَاهُ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ نَوْمِهِ أَوْ إكْرَاهِهِ وَأَمْكَنَ نَحْوُ الصِّبَا وَعَهْدِ الْجُنُونِ وَوُجِدَ نَحْوُ الْإِكْرَاهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَلَا ق ل. قَوْلُهُ: (أَوْ أَحَدًا مِنْ مَحَارِمِهَا) أَيْ أَوْ زَوْجِهَا. قَوْلُهُ: (قُبِلَ مِنْهُ) مِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر.

فَرْعٌ: لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِنَحْوِ دُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا إذَا عَلَّقَ بِجِمَاعِهِ فَعَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ وَلَا أَثَرَ لِاسْتِدَامَتِهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالِابْتِدَاءِ اهـ شَرْحُ م ر.

[فَصْلٌ فِي الرَّجْعَةِ]

ِ ذَكَرَهَا عَقِبَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا وَالْمُسَبَّبُ يُؤَخَّرُ عَنْ السَّبَبِ. وَعِبَارَةُ زي: وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الرَّجْعَةَ عَقِبَ الطَّلَاقِ إشْعَارًا بِأَنَّهَا فِي حُكْمِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ كَمَا سَيَظْهَرُ فِي بَعْضِ فُرُوعِهَا وَإِنْ ظَهَرَ فِي بَعْضٍ آخَرَ أَنَّهَا فِي حُكْمِ اسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ، أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَهُ؛ وَلِذَلِكَ لَا يُطْلَقُ التَّرْجِيحُ فِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ أَنَّهَا ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ أَوْ اسْتِدَامَةٌ؛ وَسَكَتَ كَالْأَصْحَابِ عَنْ سَنِّ الرَّجْعَةِ وَعَدَمِهِ لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْحَالِ اهـ. وَأَصْلُهَا الْإِبَاحَةُ وَتَعْتَرِيهَا أَحْكَامُ النِّكَاحِ، فَتَجِبُ عَلَى مَنْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَ لَهَا لَيْلَتَهَا، وَتَحْرُمُ فِيمَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا عَدَمُ قَسْمٍ أَوْ عَجْزٍ عَنْ الْإِنْفَاقِ أَوْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَتُكْرَهُ حَيْثُ سُنَّ الطَّلَاقُ، وَتُنْدَبُ حَيْثُ طَلُقَتْ بِدْعِيًّا.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الرَّجْعَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا الْمَرَّةُ إلَخْ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا ذَكَرَهُ النَّحْوِيُّونَ أَنَّ فَعْلَةَ لِلْمَرَّةِ وَفِعْلَةَ بِالْكَسْرِ لِلْهَيْئَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ اصْطِلَاحٌ نَحْوِيٌّ وَمَا هُنَا أَمْرٌ لُغَوِيٌّ بِاعْتِبَارِ مَا نُقِلَ عَنْ الْعَرَبِ قَوْلُهُ (مِنْ الرُّجُوعِ) أَيْ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ قَوْلُهُ (رَدُّ الْمَرْأَةِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ بَعْدَ حَذْفِ الْفَاعِلِ أَيْ رَدُّ الزَّوْجِ أَوْ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ مِنْ وَكِيلٍ إلَى النِّكَاحِ أَيْ الْكَامِلِ؛ وَإِلَّا فَهِيَ فِي حُكْمِ الْمَنْكُوحَةِ بِدَلِيلِ لُحُوقِ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالطَّلَاقِ وَاللِّعَانِ وَالتَّوَارُثِ، أَوْ يُقَالُ إلَى النِّكَاحِ أَيْ مُوجِبِهِ وَهُوَ الْحِلُّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ طَلَاقٍ) خَرَجَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ وَالظِّهَارُ وَكَذَا الْإِيلَاءُ.

قَوْلُهُ: (فِي الْعِدَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِ (رَدُّ) وَهُوَ إيضَاحٌ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَهَا صَارَ بَائِنًا ق ل.

قَوْلُهُ: (عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ) أَشَارَ إلَى شُرُوطِ الرَّجْعَةِ أَيْ مِنْ كَوْنِهَا قَابِلَةً لِلْحِلِّ مُعَيَّنَةً لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا.

قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِيهَا) أَيْ الرَّجْعَةِ.

قَوْلُهُ: {وَبُعُولَتُهُنَّ} [البقرة: ٢٢٨] أَيْ أَزْوَاجُهُنَّ جَمْعُ بَعْلٍ وَالتَّاءُ لِتَأْنِيثِ الْجَمْعِ كَالْعُمُومَةِ عَلَى أَنَّهَا جَمْعُ عَمٍّ أَوْ الْبُعُولَةُ مَصْدَرٌ عَلَى تَقْدِيرِ مَصْدَرٍ وَأَهْلُ بُعُولَتِهِنَّ. اهـ. م د. قَوْلُهُ: {أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ إذْ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِمْ.

قَوْلُهُ: (أَيْ فِي الْعِدَّةِ) وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ: أَيْ فِي التَّرَبُّصِ الْمَفْهُومِ مِنْ يَتَرَبَّصْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>