للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُمُعَةٍ بَعْدَهَا، وَالطَّائِفَةُ الَّتِي صَحَّتْ بِهَا الْجُمُعَةُ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْفَرْضِ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِمَا الظُّهْرُ

فَائِدَةٌ: الْجَمْعُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا مَعَ الزَّائِدِ عَلَيْهِ كَالْجُمُعَتَيْنِ الْمُحْتَاجِ إلَى إحْدَاهُمَا فَفِي ذَلِكَ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهِمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُرْهَانُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(وَفَرَائِضُهَا ثَلَاثَةٌ) وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَنْ عَبَّرَ بِالشُّرُوطِ كَالْجُمْهُورِ فَإِنَّ الشُّرُوطَ ثَمَانِيَةٌ كَمَا مَرَّ إذْ الْفَرْضُ وَالشَّرْطُ قَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا بُدَّ مِنْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الشَّرْطُ السَّادِسُ (خُطْبَتَانِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا» وَكَوْنُهُمَا قَبْلَ الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا مَنْ شَذَّ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَلَمْ يُصَلِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بَعْدَهُمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ ثَبَتَتْ صَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ خُطْبَتَيْنِ.

وَأَرْكَانُهُمَا خَمْسَةٌ: أَوَّلُهَا: حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى لِلِاتِّبَاعِ وَثَانِيهَا: الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ افْتَقَرَتْ إلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

اهـ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُمْكِنُ إقَامَةُ جُمُعَةٍ بَعْدَهَا) لِأَنَّ صِحَّةَ الْأُولَى مَانِعَةٌ مِنْ صِحَّةِ غَيْرِهَا بَعْدَهَا.

قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُحْتَاجِ. قَوْلُهُ: (فَفِي ذَلِكَ التَّفْصِيلُ) وَهُوَ أَنَّهُمَا إنْ وَقَعَتَا مَعًا أَوْ شَكَّ اُسْتُؤْنِفَتْ جُمُعَةً أَوْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تَتَعَيَّنْ أَوْ تَعَيَّنَتْ وَنُسِيَتْ صُلِّيَتْ ظُهْرًا أج.

[فَرَائِضُ الْجُمُعَةَ]

قَوْلُهُ: (وَفَرَائِضُهَا إلَخْ) تَعْبِيرُهُ هُنَا بِالْفُرُوضِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ بِالشُّرُوطِ تَفَنُّنٌ وَإِلَّا فَكُلُّهَا شُرُوطٌ.

قَوْلُهُ: (إذْ الْفَرْضُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لَا يُخَالِفُ، قَالَ ق ل: لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا فِي التَّعْبِيرِ بِالْفَرْضِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي التَّعْبِيرِ بِالشَّرْطِ عَنْ الرُّكْنِ، فَلَوْ قَالَ التَّعْبِيرُ بِالْفَرْضِ يُوهِمُ أَنَّهَا أَرْكَانٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَكَانَ صَوَابًا وَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ قَدْ لَكَانَ أَوْلَى. وَيُجَابُ بِأَنَّهَا لِلتَّحْقِيقِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَشَرَائِطُ صِحَّةِ فِعْلِهَا ثَلَاثَةٌ بَلْ ثَمَانِيَةٌ كَمَا سَتَرَاهُ. وَتَعْبِيرُهُ هُنَا بِالْفَرَائِضِ وَتَغْيِيرُ الْأُسْلُوبِ حَيْثُ لَمْ يَعْطِفْهَا عَلَى الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ يُوهِمُ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ شُرُوطًا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الشَّرْطُ السَّادِسُ خُطْبَتَانِ) الْأَوْلَى تَقَدُّمُ خُطْبَتَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ وَذَلِكَ لِإِيهَامِ صَنِيعِهِ أَنَّ ذَاتَ الْخُطْبَتَيْنِ شَرْطٌ لِلْجُمُعَةِ وَأَنَّ تَقَدُّمَهُمَا شَرْطٌ لَهُمَا؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ: قَوْلُهُ تَقَدُّمُ خُطْبَتَيْنِ أَيْ لِأَنَّهُمَا شَرْطٌ وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَلَيْسَا بَدَلًا عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ قَوْلُهُ: (وَكَوْنُهُمَا قَبْلَ الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا مَنْ شَذَّ) وَهَذَا بَعْدَ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ الدَّمَامِينِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: إنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ كَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ كَغَيْرِهَا مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، فَيَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَاتَّفَقَ لَهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً أَنَّهُ صَلَّى ثُمَّ أَخَذَ يَخْطُبُ فَبَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ إذْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ تِجَارَةٌ فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرَكُوهُ قَائِمًا يَخْطُبُ، فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} [الجمعة: ١١] الْآيَةَ فَقُدِّمَتْ الْخُطْبَةُ مِنْ حِينَئِذٍ اهـ أج. وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَامْرَأَةٌ» . وَيَحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ يَرَى الْجُمُعَةَ بِاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا كَمَالِكٍ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَقَامَ لَهُمْ الْجُمُعَةَ حَتَّى يَكُونَ حُجَّةً لِاشْتِرَاطِ هَذَا الْعَدَدِ اهـ. وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَلَمْ يُصَلِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بَعْدَهُمَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ: " لَمْ يُصَلِّ إلَّا بَعْدَهُمَا " أَيْ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّحْمَانِيِّ: وَكَانَتَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقُدِّمَتَا. وَسَبَبُهُ: «أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَصَابَهُمْ جُوعٌ فَقَدِمَ دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيُّ بِتِجَارَةٍ مِنْ الشَّامِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ فَانْصَرَفُوا وَلَمْ يَبْقَ إلَّا ثَمَانِيَةُ أَنْفُسٍ أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَوْ أَرْبَعُونَ فَقَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ خَرَجُوا جَمِيعًا لَأَضْرَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْوَادِيَ نَارًا» وَكَانُوا يَسْتَقْبِلُونَ الْعِيرَ بِالطَّبْلِ وَالتَّصْفِيقِ؛ وَهُوَ الْمُرَادُ بِاللَّهْوِ فِي الْآيَةِ. وَخَصَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ بِالتِّجَارَةِ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ.

قَوْلُهُ: (وَأَرْكَانُهُمَا خَمْسَةٌ) جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ نَظْمًا فَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>