للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ الْوُقُوعُ بِتَفْرِيطِ صَاحِبِ الْبَيْتِ وَالْمَحْبَرَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَى مَالِكِ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ وَإِلَّا غَرِمَ الْأَرْشَ، فَإِنْ كَانَ الْوُقُوعُ بِتَفْرِيطِهِمَا فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَغْرَمُ النِّصْفَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّفْرِيطِ كَالْمُتَصَادَمِينَ؛ وَلَوْ أَدْخَلَتْ بَهِيمَةٌ رَأْسَهَا فِي قِدْرٍ وَلَمْ تَخْرُجْ إلَّا بِكَسْرِهَا كُسِرَتْ لِتَخْلِيصِهَا وَلَا تُذْبَحُ الْمَأْكُولَةُ لِذَلِكَ. ثُمَّ إنْ صَحِبَهَا مَالِكُهَا فَعَلَيْهِ الْأَرْشُ لِتَفْرِيطِهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا فَإِنْ تَعَدَّى صَاحِبُ الْقِدْرِ بِوَضْعِهَا بِمَوْضِعٍ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ أَوْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ لَكِنَّهُ قَدَرَ عَلَى دَفْعِ الْبَهِيمَةِ فَلَمْ يَدْفَعْهَا فَلَا أَرْشَ لَهُ، وَلَوْ تَعَدَّى كُلٌّ مِنْ مَالِكِ الْقِدْرِ وَالْبَهِيمَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ ابْتَلَعَتْ بَهِيمَةٌ جَوْهَرَةً لَمْ تُذْبَحْ لِتَخْلِيصِهَا وَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً بَلْ يَغْرَمُ مَالِكُهَا إنْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا قِيمَةَ الْجَوْهَرَةِ لِلْحَيْلُولَةِ، فَإِنْ بَلَعَتْ مَا يَفْسُدُ، بِالِابْتِلَاعِ غَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْفَيْصُولَةِ.

فَصْلٌ: فِي الشُّفْعَةِ

وَهِيَ إسْكَانُ الْفَاءِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا لُغَةً الضَّمُّ وَشَرْعًا حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ يَثْبُتُ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الشَّرِيكِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

النَّاقَةِ إذَا كَانَ صَغِيرًا وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُفْصَلُ عَنْ أُمِّهِ وَالْجَمْعُ فُصْلَانٌ بِضَمِّ الْفَاءِ وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى فِصَالٍ بِالْكَسْرِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ؛ وَالْفَصِيلُ لَيْسَ بِقَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (فِي مَحْبَرَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْبَاءِ وَهَذَا أَفْصَحُ اللُّغَاتِ فِيهَا وَيَجُوزُ ضَمُّ الْبَاءِ مِثْلَ الْمَقْبَرَةِ وَيَجُوزُ كَسْرُ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ الْبَاءِ لِأَنَّهَا اسْمُ آلَةٍ وَالْجَمْعُ مَحَابِرُ أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمِحْبَرَةُ الدَّوَاةُ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْحِبْرِ.

قَوْلُهُ: (بِتَفْرِيطِ صَاحِبِ الْبَيْتِ) بِأَنْ فَرَّطَ فِي فَتْحِهِ مَعَ وُجُودِ الْفَصِيلِ وَفَرَّطَ صَاحِبُ الْمِحْبَرَةِ بِتَقْدِيمِهَا عِنْدَ مَنْ يَعُدُّ الدَّرَاهِمَ مِثْلًا. قَوْلُهُ: (فَلَا غُرْمَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَجَبَ الْهَدْمُ وَالْكَسْرُ وَلَا غُرْمَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ التَّفْرِيطُ مِنْ صَاحِبِ الْبَيْتِ وَالْمَحْبَرَةِ بِأَنْ كَانَ مِنْ مَالِكِ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ فَقَطْ أَوْ لَا بِتَفْرِيطٍ أَصْلًا لَا مِنْ مَالِكِ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ وَلَا مِنْ مَالِكِ الْبَيْتِ وَالْمَحْبَرَةِ؛ وَبَقِيَ مِنْ مَصْدُوقِ قَوْلِهِ وَإِلَّا مَا إذَا كَانَ التَّفْرِيطُ مِنْ مَالِكِ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ وَمِنْ مَالِكِ الْبَيْتِ وَالْمَحْبَرَةِ، وَإِلَّا أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ الثَّالِثَ لَيْسَ مُرَادًا مِنْ قَوْلِهِ: " وَإِلَّا " بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: " فَإِنْ كَانَ الْوُقُوعُ بِتَفْرِيطِهِمَا إلَخْ " أَيْ بِتَفْرِيطِ مَالِكِ الدِّينَارِ وَالْفَصِيلِ وَمَالِكِ الْبَيْتِ وَالْمَحْبَرَةِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا الْقِسْمَانِ الْأَوَّلَانِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (غَرِمَ) أَيْ مَالِكُ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ الْأَرْشَ أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ وَالْمَحْبَرَةَ إنَّمَا أُتْلِفَا لِتَخْلِيصِ مَالِهِمَا.

قَوْلُهُ: (إنَّهُ) أَيْ مَالِكَ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ. وَقَوْلُهُ: " إنَّمَا يَغْرَمُ النِّصْفَ " أَيْ نِصْفَ أَرْشِ الْبَيْتِ الَّذِي هُدِمَ وَنِصْفَ أَرْشِ الْمَحْبَرَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُذْبَحُ) أَيْ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ صَحِبَهَا مَالِكُهَا إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ؛ قَالَ، يَعْنِي الْبُلْقِينِيُّ: وَسَأَلْت عَنْ رَجُلٍ رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الْمَرْعَى ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا فَجَاءَتْ إلَى الْجُرْنِ فَرَدَّهَا الْحَارِسُ فَرَفَسَتْهُ فَكَسَرَتْ أَسْنَانَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ وَذَلِكَ بِالنَّهَارِ، فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَا عَلَى الَّذِي رَكِبَهَا اهـ. وَاعْتَمَدَهُ م ر، وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَى مَنْ رَكِبَهَا لِصَيْرُورَتِهِ غَاصِبًا بِالرُّكُوبِ، إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِينَئِذٍ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْحَارِسِ لَهَا قَطَعَ أَثَرَ يَدِ الْغَاصِبِ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ مَالِكِهَا فَاسْتَقْبَلَهَا إنْسَانٌ وَرَدَّهَا فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَإِنَّ الْمَالِكَ لَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّيْءَ، تَأَمَّلْ. وَالضَّمَانُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الرَّادِّ مَا دَامَ السَّيْرُ مَنْسُوبًا إلَيْهِ، تَأَمَّلْ. كَذَا وَجَدْته بِخَطِّ الشِّهَابِ سم بِهَامِشِ الْعُبَابِ، وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (إنْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا) فَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَلَا ضَمَانَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَلِعَتْ) بِكَسْرِ اللَّامِ.

[فَصْلٌ فِي الشُّفْعَةِ]

ِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ شَفَعْت كَذَا بِكَذَا: إذَا ضَمَمْته إلَيْهِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِضَمِّ نَصِيبِ الشَّرِيكِ إلَى نَصِيبِهِ. أَوْ مِنْ الشَّفْعِ وَهُوَ ضِدُّ الْوِتْرُ، فَكَأَنَّ الشَّرِيكَ يَجْعَلُ نَصِيبَهُ شَفْعًا بِضَمِّ نَصِيبِ شَرِيكِهِ إلَيْهِ. أَوْ مِنْ الشَّفَاعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ بِهَا أَيْ بِالشَّفَاعَةِ بِرْمَاوِيٌّ. وَسَيَأْتِي وَجْهُ مُنَاسَبَةٍ ذَكَرَهَا عَقِبَ الْغَصْبِ وَهُوَ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُ. وَيُلْغِزُ بِهَا وَيُقَالُ: لَنَا شَيْءٌ يُؤْخَذُ قَهْرًا عَنْ مَالِكِهِ وَلَا حُرْمَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>