للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَحْرِ الْفَهَّامَةِ، شِهَابِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ أَحْمَدَ

ابْن الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ

الْأَصْفَهَانِيُّ الشَّهِيرُ بِأَبِي شُجَاعٍ، الْمُسَمَّى بِغَايَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِلْمُصَنِّفِ، وَالسَّابِعُ وَهُوَ الشَّهِيرُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِلْمُصَنِّفِ وَأَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِلْمُخْتَصَرِ، وَالثَّامِنُ وَهُوَ الْمُسَمَّى وَصْفٌ لِلْمُخْتَصَرِ. قَوْلُهُ: (شِهَابُ الدُّنْيَا وَالدِّينِ) أَيْ مُنَوِّرُهُمَا لِأَنَّ الشِّهَابَ فِي الْأَصْلِ الْكَوْكَبُ أَوْ مَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا النُّورُ النَّاشِئُ عَنْ الْعِلْمِ فَشَبَّهَهُ الشَّيْخُ بِالشِّهَابِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مُضِيئًا لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مُحْرِقًا، فَهُوَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ مُضِيءٌ فِي أَهْلِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَالْكَوْكَبِ فِي الْإِحْرَاقِ أَيْضًا فِي أَنَّهُ يَحْرُقُ مَنْ عَادَاهُ فِي الدُّنْيَا مَجَازًا. اهـ. فَاكِهِيٌّ.

مَبْحَثُ تَقْدِيمِ الِاسْمِ عَلَى اللَّقَبِ وَعَكْسِهِ وَإِذَا اجْتَمَعَ الِاسْمُ وَاللَّقَبُ وَجَبَ تَأْخِيرُ اللَّقَبِ عَنْ الِاسْمِ عِنْدَ النُّحَاةِ مَا لَمْ يَشْتَهِرْ بِاللَّقَبِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهُ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ هُنَا، فَإِنَّهُ قَدَّمَ اللَّقَبَ وَهُوَ شِهَابُ الدُّنْيَا وَالدِّينِ لِاشْتِهَارِهِ بِهِ لِأَنَّهُ اُشْتُهِرَ تَلْقِيبُ كُلِّ مَنْ تَسَمَّى بِأَحْمَدَ بِشِهَابِ الدِّينِ، وَمَنْ تَسَمَّى مُحَمَّدًا بِشَمْسِ الدِّينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الْمَدَابِغِيِّ: وَقَدَّمَهُ عَلَى الِاسْمِ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُؤَرِّخِينَ فِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ مُجَرَّدَ طَرِيقَةِ الْمُؤَرِّخِينَ لَا يَكْفِي فِي التَّقْدِيمِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ قَدَّمَهُ عَلَى الِاسْمِ لِاشْتِهَارِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} [النساء: ١٥٧] وَقَوْلُ الشَّاطِبِيِّ " وقالون عِيسَى " وَشِهَابٌ بَدَلٌ مِنْ الْإِمَامِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَحْمَدُ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَحْمَدُ بَدَلًا مِنْ شِهَابٍ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْإِبْدَالِ مِنْ الْبَدَلِ، لَكِنَّ الْأَوْلَى كَوْنُهُ بَدَلًا آخَرَ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ عَلَيْهِ.

[مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى لَفْظِ ابْنِ]

قَوْلُهُ: (ابْنُ الْحُسَيْنِ) اسْمُ أَبِيهِ.

مَبْحَثُ الْكَلَامِ عَلَى لَفْظِ ابْنِ وَابْنٌ إذَا وَقَعَ بَيْنَ عَلَمَيْنِ تَسْقُطُ أَلِفُهُ مَا لَمْ تَكُنْ فِي أَوَّلِ سَطْرٍ، وَلَفْظُ الْحُسَيْنِ مَعْرِفَةٌ كَاسْمِ السَّيِّدِ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَدَخَلَتْ أَلْ عَلَيْهِ لِلَمْحِ الصِّفَةِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ:

وَبَعْضُ الْأَعْلَامِ عَلَيْهِ دَخَلًا

الْبَيْتَ. وَفِي سِيرَةِ الشَّامِيِّ أَنَّ أَلِفَ ابْنٍ تَثْبُتُ فِي تِسْعِ مَوَاضِعَ: إذَا أُضِيفَ إلَى مُضْمَرٍ كَهَذَا ابْنُك، أَوْ نُسِبَ إلَى الْأَبِ الْأَعْلَى كَقَوْلِك مُحَمَّدُ ابْنُ شِهَابٍ التَّابِعِيُّ فَشِهَابٌ جَدُّهُ، أَوْ أُضِيفَ إلَى غَيْرِ أَبِيهِ كَالْمِقْدَادِ ابْنِ الْأَسْوَدِ أَبُوهُ عَمْرٌو وَتَبَنَّاهُ الْأَسْوَدُ وَمُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ فَالْحَنَفِيَّةُ أُمُّهُ، أَوْ عُدِلَ عَنْ الصِّفَةِ إلَى الْخَبَرِ كَقَوْلِك أَظُنُّ مُحَمَّدًا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَوْ إلَى الِاسْتِفْهَامِ كَقَوْلِك هَلْ تَيْمُ ابْنُ مُرَّةَ، أَوْ ثُنِّيَ كَقَوْلِك زَيْدٌ وَعَمْرٌو ابْنَا مُحَمَّدٍ، أَوْ ذُكِرَ بِغَيْرِ اسْمٍ كَجَاءَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَوْ كُتِبَ أَوَّلَ سَطْرٍ أَوْ اتَّصَلَ بِصِفَةٍ كَقَوْلِك زَيْدٌ الْفَاضِلُ ابْنُ عَمْرٍو.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِثْلُ ابْنٍ ابْنَةٌ. وَقَدْ نَظَمَ الْعَلَّامَةُ الَأُجْهُورِيُّ تِلْكَ الْمَوَاضِعَ فَقَالَ:

احْذِفْ مِنْ ابْنٍ أَلِفًا إنْ وَقَعَا ... فِي وَسَطِ اسْمَيْنِ تَكُنْ مُتَّبِعَا

إلَّا إذَا أُضِيفَ لِلضَّمِيرِ ... فَالْأَلِفَ اُكْتُبْ فِيهِ يَا سَمِيرِي

وَمِثْلُهُ إنْ اسْمُهُ قَدْ حُذِفَا ... كَأَكْرِمْ ابْنَ عُمَرَ مَنْ اَنْصَفَا

قُلْت وَفِي اسْتِثْنَاءِ ذَيْنِ نَظَرُ ... إذْ لَيْسَ بَيْنَ اسْمَيْنِ مَنْ يُذْكَرُ

كَذَاك مَكْتُوبٌ بِصَدْرِ السَّطْرِ ... أَوْ مَا نِسْبَتُهُ لِجَدٍّ قَادِرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>