للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُدْرَتِهِ عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ فِي اللِّعَانِ. وَالرَّابِعُ إقْرَارُ الْمَقْذُوفِ بِالزِّنَا. وَالْخَامِسُ مَا لَوْ وَرِثَ الْقَاذِفُ الْحَدَّ.

تَتِمَّةٌ: يَرِثُ الْحَدَّ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ الْخَاصِّينَ حَتَّى الزَّوْجَيْنِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ لِلسُّلْطَانِ كَالْمَالِ وَالْقِصَاصِ وَلَوْ قُذِفَ بَعْدَ مَوْتِهِ. هَلْ لِلزَّوْجَيْنِ حَقٌّ، أَوْ لَا؟

وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا الْمَنْعُ لِانْقِطَاعِ الْوَصْلَةِ حَالَةَ الْقَذْفِ وَلَوْ عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ حَقِّهِ مِمَّا وَرِثَهُ مِنْ الْحَدِّ فَلِلْبَاقِينَ مِنْهُمْ اسْتِيفَاءُ جَمِيعِهِ، لِأَنَّهُ عَارٌ. وَالْعَارُ يَلْزَمُ الْوَاحِدَ كَمَا يَلْزَمُ الْجَمِيعَ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوَدِ فَإِنَّهُ إذَا عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْهُ سَقَطَ بِأَنَّ لَهُ بَدَلًا يُعْدَلُ إلَيْهِ وَهُوَ الدِّيَةُ بِخِلَافِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ حُرًّا فَلَوْ كَانَ رَقِيقًا وَاسْتَحَقَّ التَّعْزِيرَ عَلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ يَسْتَوْفِيهِ سَيِّدُهُ أَوْ عَصَبَتُهُ الْأَحْرَارُ، أَوْ السُّلْطَانُ؟ وُجُوهٌ أَصَحُّهَا أَوَّلُهَا وَلِلْقَاذِفِ تَحْلِيفُ الْمَقْذُوفِ عَلَى عَدَمِ زِنَاهُ وَلَوْ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. فَإِنْ حُلِّفَ حُدَّ الْقَاذِفُ، وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ.

فَصْلٌ فِي حَدِّ شَارِبِ الْمُسْكِرِ مِنْ خَمْرٍ وَغَيْرِهِ، وَشُرْبُهُ مِنْ كَبَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ. وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: ٩٠]

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَلَوْ بِزِنًا آخَرَ غَيْرِ مَا سَامَحَهُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ بِالْمُسَامَحَةِ صَارَ عِرْضُهُ مَخْدُوشًا بِالنِّسْبَةِ لَهُ حُرِّرَ.

قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ) وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى بِقَذْفِ زَوْجَتِهِ وَقَدْ لَا يَجِدُ الْبَيِّنَةَ بِزِنَاهَا فَجَوَّزَ لَهُ الشَّرْعُ اللِّعَانَ.

قَوْلُهُ: (مَا لَوْ وَرِثَ الْقَاذِفُ الْحَدَّ) أَيْ وَرِثَ جَمِيعَهُ بِأَنْ قَذَفَ أَحَدُ أَخَوَيْنِ الْآخَرَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَقْذُوفُ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ الْقَاذِفِ، فَإِنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ أَمَّا لَوْ وَرِثَ بَعْضَهُ فَلِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ كُلِّهِ. اهـ، م د أَيْ أُخِذَ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ.

قَوْلُهُ: (يَرِثُ الْحَدَّ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ) أَيْ غَيْرَ مُوَزَّعٍ وَمُقَسَّمٍ بَلْ يَثْبُتُ كُلُّهُ جُمْلَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ بَدَلًا عَنْ الْآخَرِ وَلِهَذَا لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ عَنْ حِصَّتِهِ فَلِلْبَاقِينَ اسْتِيفَاءُ جَمِيعِهِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُحَدُّ، لِكُلِّ وَارِثٍ حَدًّا كَامِلًا، لِأَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ مِنْ الْإِمَامِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْحَدَّ وَالْإِمَامُ لَا يَفْعَلُ إلَّا حَدًّا وَاحِدًا.

قَوْلُهُ: (حَتَّى الزَّوْجَيْنِ) أَيْ الْحَيِّ مِنْهُمَا وَالْحَالُ أَنَّ الْمَيِّتَ قُذِفَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَإِنَّمَا نَبَّهَ عَلَيْهِمَا لِلْخِلَافِ فِيهِمَا.

قَوْلُهُ: (هَلْ لِلزَّوْجَيْنِ) أَيْ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (يَلْزَمُ الْوَاحِدَ) أَيْ يَلْحَقُ وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (بِأَنَّ لَهُ بَدَلًا) أَيْ وَإِنْ سَقَطَ بِأَنْ عَفَا مَجَّانًا.

قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ كَوْنُ الْحَدِّ يَرِثُهُ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ) أَمَّا إذَا اسْتَحَقَّ التَّعْزِيرَ عَلَى سَيِّدِهِ فَاسْتِحْقَاقُهُ لِعَصَبَتِهِ الْأَحْرَارِ أَوْ السُّلْطَانِ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمَقْذُوفُ وَظَاهِرُ الشَّرْحِ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الْمَقْذُوفِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَبَعْضُهُمْ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِ الْقَاذِفِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ أَيْ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ قَالُوا: وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالزِّنَا، وَالتَّحْلِيفُ عَلَى نَفْيِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ،. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ مَعَ زِيَادَةٍ.

[فَصْلٌ فِي حَدِّ شَارِبِ الْمُسْكِرِ]

ِ ذَكَرَهُ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَذْفِ، لِأَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَمِنْ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ أَيْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ دُونَ آخَرَ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَشُرْبُهُ مِنْ كَبَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ) أَيْ فِي الْخَمْرِ مُطْلَقًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَفِي النَّبِيذِ فِي الْكَثِيرِ مِنْهُ أَمَّا الْقَلِيلُ الَّذِي لَا سُكْرَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنْ الْكَبَائِرِ، لِأَنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ} [المائدة: ٩٠] الْآيَةَ) أَيْ وَخَبَرُ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَهُوَ الَّذِي قَالَ لِغَيْرِهِ اُعْصُرْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>