للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخَيَّرٌ) فِيهِ (بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ) الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا قَرِيبًا (فِيهِ) أَيْ الضَّرْبِ الرَّابِعِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الضَّرْبِ الْأَوَّلِ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَمْتَنِعُ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهَا هُنَا وَإِنَّمَا جَازَ أَخْذُ هَذَا الْحَيَوَانِ فِي الْعُمْرَانِ دُونَ الصَّحْرَاءِ الْآمِنَةِ لِلتَّمَلُّكِ لِئَلَّا يَضِيعَ بِامْتِدَادِ الْأَيْدِي الْخَائِنَةِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الصَّحْرَاءِ الْآمِنَةِ فَإِنَّ طُرُوقَ النَّاسِ بِهَا نَادِرٌ. .

تَتِمَّةٌ: لَا يَحِلُّ لَقْطُ حَرَمِ مَكَّةَ إلَّا لِحِفْظٍ، فَلَا يَحِلُّ إنْ لَقَطَ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ أَطْلَقَ وَيَجِبُ تَعْرِيفُ مَا الْتَقَطَهُ لِلْحِفْظِ لِخَبَرِ: «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُلْتَقَطُ لُقَطَتُهُ إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا» وَيَلْزَمُ اللَّاقِطَ الْإِقَامَةُ لِلتَّعْرِيفِ أَوْ دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ، وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ حَرَمَ مَكَّةَ مَثَابَةٌ لِلنَّاسِ يَعُودُونَ إلَيْهِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْأُخْرَى، فَرُبَّمَا يَعُودُ مَالِكُهَا مِنْ أَجْلِهَا أَوْ يَبْعَثُ فِي طَلَبِهَا فَكَأَنَّهُ جَعَلَ مَالَهُ بِهِ مَحْفُوظًا عَلَيْهِ كَمَا غَلُظَتْ الدِّيَةُ فِيهِ. وَخَرَجَ بِحَرَمِ مَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَحَرَمِ مَكَّةَ بَلْ هِيَ كَسَائِرِ الْبِلَادِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ، وَلَيْسَتْ لُقَطَةُ عَرَفَةَ وَمُصَلَّى إبْرَاهِيمَ كَلُقَطَةِ الْحَرَمِ.

فَصْلٌ: فِي اللَّقِيطِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَفَّى بِقَدْرِ حَقِّهِ فَذَاكَ وَإِلَّا ضَاعَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ كَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بَقِيَّةِ الدُّيُونِ ش ع.

قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى وَهِيَ تَمَلُّكُهُ فِي الْحَالِ وَأَكْلُهُ لَا تَأْتِي هُنَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم. وَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْضًا فِيمَا سَبَقَ لِتَقْيِيدِهِ بِالْمَفَازَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا وَجَدَهُ فِي الْعُمْرَانِ فَلَهُ الْخُصْلَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ.

قَوْلُهُ: (فِيهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ " مُخَيَّرٌ ".

قَوْلُهُ: (دُونَ الصَّحْرَاءِ الْآمِنَةِ لِلتَّمَلُّكِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْهَا لِلتَّمَلُّكِ، فَغَرَضُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعُمْرَانِ حَيْثُ جَازَ أَخْذُ الْحَيَوَانِ مِنْهُ لِلتَّمَلُّكِ وَبَيْنَ الصَّحْرَاءِ الْآمِنَةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ أَخْذُهَا مِنْهَا لِلتَّمَلُّكِ.

قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَضِيعَ) أَيْ فِي الْعُمْرَانِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الصَّحْرَاءِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْهَا لِلتَّمَلُّكِ لِأَنَّ طُرُوقَ إلَخْ، فَهُوَ عِلَّةٌ لِهَذَا الْمُقَدَّرِ. وَفِي قَوْلِهِ: بِخِلَافِ الصَّحْرَاءِ " إظْهَارٌ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِهَا.

قَوْلُهُ: (لَا يَحِلُّ لُقَطٌ) بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ جَمْعُ لُقْطَةٍ بِسُكُونِ الْقَافِ كَغُرْفَةِ وَغُرَفٍ لَا بِفَتْحِ اللَّامِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ مَصْدَرًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " حَرُمَ " وَقَوْلُهُ: " إلَّا لِحِفْظٍ " لَا يُنَاسِبَانِهِ بَلْ يُنَاسِبَانِ الْمَلْقُوطَ، وَهَذَا لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ يَصِحُّ كَوْنُهُ مَصْدَرًا وَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى " مِنْ ". وَقَوْلُهُ " إلَّا لِحِفْظٍ " أَيْ حِفْظِ الْمَلْقُوطِ، وَيَصِحُّ كَوْنُ اللَّقْطِ بِمَعْنَى الْمَلْقُوطِ مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ.

قَوْلُهُ: (لِلتَّمَلُّكِ) كَذَا فِي نُسَخٍ، وَاَلَّذِي بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ لِتَمَلُّكٍ بِدُونِ تَعْرِيفٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَطْلَقَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكًا وَلَا حِفْظًا.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ تَعْرِيفُ مَا الْتَقَطَهُ لِلْحِفْظِ) يَعْنِي عَلَى الدَّوَامِ وَإِنْ كَانَ حَقِيرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَلْزَمُهُ الْإِقَامَةُ بِهَا لِلتَّعْرِيفِ أَوْ دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَمَوِّلَةٍ فَيُتَّجَهُ عَدَمُ وُجُوبِ تَعْرِيفِهَا وَجَوَازُ الِاسْتِبْدَادِ بِهَا سم.

قَوْلُهُ: (إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا) أَيْ عَلَى الدَّوَامِ، وَإِلَّا فَسَائِرُ الْبِلَادِ كَذَلِكَ فَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (مَثَابَةً) أَيْ مَرْجِعًا، مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ. وَقَوْلُهُ " فَكَأَنَّهُ " أَيْ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ مَالَهُ أَيْ الْمَالِكِ مَحْفُوظًا عَلَيْهِ، أَيْ لَهُ.

قَوْلُهُ: (بَلْ هِيَ) فِي نُسْخَةٍ بَلْ هُوَ وَهِيَ أَنْسَبُ ق ل وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي اللَّقِيطِ]

ِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ سُمِّيَ لَقِيطًا وَمَلْقُوطًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُلْقَطُ إلَّا فَهُوَ قَبْلَ اللَّقْطِ لَيْسَ لَقِيطًا وَمَنْبُوذًا بِاعْتِبَارِ أَنْ يُنْبَذَ، وَتَسْمِيَتُهُ بِذَيْنِك أَيْ لَقِيطٍ، وَمَلْقُوطٍ قَبْلَ أَخْذِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَجَازِ الْأَوَّلِ؛ لَكِنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً، وَكَذَا تَسْمِيَتُهُ مَنْبُوذًا أَيْ فَهُوَ مَجَازٌ لَكِنْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ بَعْدَهُ أَخَذَهُ بِنَاءً عَلَى زَوَالِ الْحَقِيقَةِ بِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَوْلُهُ " وَدَعِيًّا بِكَسْرِ الدَّالِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ أَيْ لِأَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدَّعِيَهُ وَهَذَا بِاعْتِبَارِ آخِرِ أَمْرِهِ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>