للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ فِي كُلِّ دَفْعَةٍ أَلَمٌ لَهُ وَقْعٌ، كَسَوْطٍ، أَوْ سَوْطَيْنِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَهَذَا لَيْسَ بِحَدٍّ، وَإِنْ آلَمَ أَوْ أَثَّرَ لِمَا لَهُ وَقْعٌ فَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ زَمَنٌ يَزُولُ فِيهِ الْأَلَمُ الْأَوَّلُ كَفَى وَإِنْ تَخَلَّلَ، لَمْ يَكْفِ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَيُكْرَهُ إقَامَةُ الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي أَدَبِ الْقَضَاءَ.

فَصْلٌ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ الْوَاجِبُ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَهِيَ لُغَةً أَخْذُ الْمَالِ خِفْيَةً وَشَرْعًا أَخْذُهُ خِفْيَةً ظُلْمًا مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ بِشُرُوطٍ تَأْتِي، وَلَمَّا نَظَمَ أَبُو الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيُّ الْبَيْتَ الَّذِي شَكَّكَ بِهِ عَلَى أَهْلِ الشَّرِيعَةِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الدِّيَةِ وَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ وَهُوَ

يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينَ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ ... مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارِ

؟

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُؤَلِّفِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَمْ يُضْبَطْ وَهُوَ تَحْرِيفٌ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ دَفْعَةٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ مَرَّةٍ مِنْ مَرَّاتِ التَّفْرِيقِ.

قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ إلَخْ) هَذَا إنْ لَمْ تَحْصُلْ نَجَاسَةٌ، وَإِلَّا حُرِّمَ. اهـ. ق ل.

[فَصْلٌ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ]

ِ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا مَعَ فَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ لِمُنَاسَبَتِهَا لَهُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْكَبَائِرِ وَمِنْ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ وَقَدَّمَهَا عَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ لِأَنَّهَا كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَلِعُمُومِهَا وَخَفَائِهَا وَقِلَّةِ الْحَدِّ فِيهَا ق ل

وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ وَشُرُوطِهَا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْأَمْرَيْنِ وَأَوَّلُ مَنْ حَكَمَ بِقَطْعِ السَّارِقِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ قَوْلُهُ الْوَاجِبُ بِالنَّصِّ أَيْ بِآيَةِ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: ٣٨] إلَى آخِرِ الْآيَةِ وَشُرِعَ الْقَطْعُ فِيهَا لِحِفْظِ الْمَالِ لِأَنَّ حَدَّهَا أَحَدُ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ وَكَانَ الْحَدُّ فِيهَا بِقَطْعِ آلَتِهَا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلِعَدَمِ تَعْطِيلِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِهَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَدَّمَ السَّارِقَ عَلَى السَّارِقَةِ عَكْسَ آيَةِ الزِّنَا حَيْثُ قَدَّمَ الزَّانِيَةَ عَلَى الزَّانِي لِأَنَّ السَّرِقَةَ تُفْعَلُ بِالْقُوَّةِ وَالرَّجُلُ أَقْوَى مِنْ الْمَرْأَةِ وَالزِّنَا يُفْعَلُ بِالشَّهْوَةِ وَالْمَرْأَةُ أَشَدُّ شَهْوَةً وَاخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ أَيْ آيَةُ السَّرِقَةِ عَامَّةٌ خُصَّتْ أَوْ مُجْمَلَةٌ بُيِّنَتْ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْقِرَاءَةُ الْمُتَوَاتِرَةُ وَالشَّاذَّةُ كِلَاهُمَا مُجْمَلٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] مُجْمَلٌ لَمْ يُبَيِّنْ الْيَمِينَ مِنْ الْيَسَارِ وَلَا مَحَلَّ الْقَطْعِ وَقَوْلَهُ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا مُجْمَلٌ أَيْضًا لَمْ يُبَيِّنْ الْيَمِينَ مِنْ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ وَلَا مَحَلَّ الْقَطْعِ أَهُوَ الْكُوعُ أَوْ غَيْرُهُ. اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ

قَوْلُهُ أَخْذُ الْمَالِ إلَخْ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ الِاخْتِصَاصَاتُ فَإِنَّهَا تُسَمَّى سَرِقَةً لُغَةً وَأَمَّا ذِكْرُ الْمَالِ فِي الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ فَهُوَ قَيْدٌ لِيَخْرُجَ الِاخْتِصَاصُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِسَرِقَةٍ شَرْعًا وَعِبَارَةُ م ر أَخْذُ الشَّيْءِ فَيَشْمَلُ أَخْذَ الِاخْتِصَاصِ فَيُقَالُ لَهُ سَرِقَةٌ فِي اللُّغَةِ قَوْلُهُ ظُلْمًا أَيْ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا قَطْعَ لِأَنَّ الظُّلْمَ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُ الْمَالِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ظُلْمًا أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَخَرَجَ مَا إذَا سَرَقَ مَالَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ مَالُ غَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي وَعِبَارَةُ م د قَوْلُهُ ظُلْمًا خَرَجَ بِهِ سَرِقَةُ مَالِ الْغَيْرِ يَظُنُّهُ مَالَ نَفْسِهِ لَا يُقَالُ يَدْخُلُ فِيهِ أَخْذُ مَالِ نَفْسِهِ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ وَمُرْتَهِنٍ فَإِنَّهُ ظُلْمٌ وَلَا قَطْعَ بِهِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ هَذَا لَيْسَ ظُلْمًا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ حَقُّ الْغَيْرِ قَالَ ق ل وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْمِ كَوْنُهُ عَمْدًا ظُلْمًا وَفِي الضَّمَانِ أَنْ يَكُونَ مَالًا مُتَمَوَّلًا وَفِي الْقَطْعِ كَوْنُ الْمَالِ نِصَابًا. اهـ.

قَوْلُهُ أَبُو الْعَلَاءِ وَاسْمُهُ أَحْمَدُ وَالْمَعَرِّيُّ نِسْبَةً إلَى مَعَرَّةِ النُّعْمَانِ وَهُوَ مُلْحِدٌ أَيْ مَائِلٌ عَنْ طَرِيقِ السُّنَّةِ لِأَنَّهُ كَانَ مُعْتَزِلِيًّا مِنْ الْخَوَارِجِ وَكَانَ عَالِمًا فَصِيحًا بَلِيغًا وَكَانَ يُنَفِّرُ النَّاسَ عَنْ الزَّوَاجِ وَيَقُولُ لَهُمْ تَتَزَوَّجُونَ فَتَأْتُونَ بِالْأَوْلَادِ فَيَعْصُونَ اللَّهَ فَيُكْتَبُ فِي صَحَائِفِكُمْ وَلِذَلِكَ مَكَثَ طُولَ عُمُرِهِ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ وَكَانَ يُلَازِمُ مُسْتَوْقَدَ الْحَمَّامِ قَوْلُهُ شَكَّكَ أَيْ أَوْقَعَهُمْ فِي الشَّكِّ وَالتَّرَدُّدِ وَالْمُنَاسِبُ حَذْفُ بِهِ وَعَلَى نُسْخَةٍ أَشْكَلَ وَعَلَيْهَا فَلَا إشْكَالَ قَوْلُهُ بِخَمْسِ مِئِينَ جَمْعُ مِائَةٍ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>