للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ تَكْلِيفُهُ الدَّابَّةَ مَا لَا تُطِيقُهُ مِنْ ثَقِيلِ الْحِمْلِ أَوْ إدَامَةِ السَّيْرِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَقَالَ فِي الزَّوَائِدِ يَحْرُمُ تَحْمِيلُهَا مَا لَا تُطِيقُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ يَوْمًا أَوْ نَحْوَهُ كَمَا سَبَقَ فِي الرَّقِيقِ. تَتِمَّةٌ: لَا يَحْلُبُ الْمَالِكُ مِنْ لَبَنِ دَابَّتِهِ، مَا يَضُرُّ وَلَدَهَا لِأَنَّهُ غِذَاؤُهُ كَوَلَدِ الْأَمَةِ، وَإِنَّمَا يَحْلُبُ مَا فَضَلَ عَنْ رَيِّ وَلَدِهَا، وَلَهُ أَنْ يَعْدِلَ بِهِ إلَى لَبَنِ غَيْرِ أُمِّهِ إنْ اسْتَمْرَأَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِلَبَنِ أُمِّهِ وَلَا يَجُوزُ الْحَلْبُ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالْبَهِيمَةِ لِقِلَّةِ عَلْفِهَا وَلَا تَرْكُ الْحَلْبِ أَيْضًا إذَا كَانَ يَضُرُّهَا فَإِنْ لَمْ يَضُرَّهَا كُرِهَ لِلْإِضَاعَةِ، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَسْتَقْصِيَ الْحَالِبُ فِي الْحَلْبِ بَلْ يَدْعُ فِي الضَّرْعِ شَيْئًا وَأَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ لِئَلَّا يُؤْذِيَهَا وَيَحْرُمُ: جَزُّ الصُّوفِ مِنْ أَصْلِ الظَّهْرِ وَنَحْوِهِ وَكَذَا حَلْقُهُ، لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ قَالَهُ: الْجُوَيْنِيُّ، وَيَجِبُ عَلَى مَالِكِ النَّحْلِ أَنْ يُبْقِيَ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْعَسَلِ فِي الْكُوَّارَةِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ إنْ لَمْ يَكْفِهِ غَيْرُهُ. وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ يَشْوِي لَهُ دَجَاجَةً وَيُعَلِّقُهَا بِبَابِ الْكِوَارَةِ فَيَأْكُلُ مِنْهَا، وَعَلَى مَالِكِ دُودِ الْقَزِّ عَلْفُهُ بِوَرِقِ تُوتٍ أَوْ تَخْلِيَتُهُ كُلِّهِ لِئَلَّا يَهْلَكَ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ، وَيُبَاعُ فِيهِ مَالُهُ كَالْبَهِيمَةِ وَيَجُوزُ تَجْفِيفُهُ بِالشَّمْسِ عِنْدَ حُصُولِ نَوْلِهِ. وَإِنْ أَهْلَكَهُ لِحُصُولِ فَائِدَتِهِ. كَذَبْحِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ وَخَرَجَ بِمَا فِيهِ رُوحٌ مَا لَا رُوحَ فِيهِ كَقَنَاةٍ وَدَارٍ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ عِمَارَتُهُمَا فَإِنَّ ذَلِكَ تَنْمِيَةٌ لِلْمَالِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ ذَلِكَ وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا إلَّا إذَا أَدَّى إلَى الْخَرَابِ فَيُكْرَهُ لَهُ.

فَصْلٌ: فِي النَّفَقَةِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: نَفَقَةٌ تَجِبُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ. إذَا قَدَرَ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَهَا عَلَى نَفَقَةِ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ الْأَرِقَّاءِ نَهَارًا مِنْ طَرَفَيْ النَّهَارِ بِطُولِهِ اُتُّبِعَتْ عَادَتُهُمْ وَعَلَى الْعَبْدِ بَذْلُ الْجَهْدِ، وَتَرْكُ الْكَسَلِ فِي الْخِدْمَةِ اهـ. وَقَالَ ع ش: وَلَوْ فَضَّلَ نَفِيسَ رَقِيقِهِ لِذَاتِهِ عَلَى خَسِيسِهِ، كُرِهَ فِي الْعَبِيدِ وَسُنَّ فِي الْإِمَاءِ اهـ. وَلَا يَحِلُّ ضَرْبُ الدَّابَّةِ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَمِثْلُ الضَّرْبِ النَّخْسُ حَيْثُ اُعْتِيدَ لِمِثْلِهِ، فَيَجُوزُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَوْ خَلَّى دَوَابَّهُ لِلرَّعْيِ، مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا تَذْهَبُ تَعُودُ إلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ ذَلِكَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَسْيِيبِ السَّوَائِبِ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ هَذَا لِلضَّرُورَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ مَلَكَ حَيَوَانًا بِاصْطِيَادٍ، وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ أَوْلَادًا تَتَضَرَّرُ بِفَقْدِهِ، فَالْأَوْجَهُ جَوَازُ تَخْلِيَتِهِ لِيَذْهَبَ لِأَوْلَادِهِ وَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ التَّسْيِيبِ وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ لَهُ.

قَوْلُهُ: (لَا يَحْلُبُ الْمَالِكُ) بَابُهُ قَتَلَ قَوْلُهُ: (مَا يَضُرُّ وَلَدَهَا) أَيْ أَوْ يَضُرُّهَا فَيَحْرُمُ شُرْبُ لَبَنِ الْبَهِيمَةِ، إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ ابْنِهَا أَوْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكْفِ الْعِجْلَ لَبَنُ أُمِّهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ لَبَنًا أَيْضًا لِأَنَّ نَفَقَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَكَذَا الطَّيْرُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (إنْ اسْتَمْرَأَهُ) بِالْهَمْزِ أَيْ كَانَ مَرِيئًا لَهُ أَيْ مَحْمُودَ الْعَاقِبَةِ أَوْ إنْ وَافَقَهُ وَأَلِفَهُ وَاعْتَادَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ الْحَلْبُ) بِسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا مَصْدَرٌ وَيُطْلَقُ الْحَلَبُ بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى اللَّبَنِ الْمَحْلُوبِ أَيْضًا وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ جَزُّ الصُّوفِ) أَيْ نَتْفُهُ بِخِلَافِ جَزِّهِ بِالْمِقَصِّ.

قَوْلُهُ: (الْكُوَّارَةِ) بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ وَتَثْقِيلِهِ لُغَةً وَالْمُرَادُ هُنَا بَيْتُ النَّحْلِ كَالْخَلِيَّةِ وَيَجُوزُ فِيهَا كَسْرُ الْكَافِ مَعَ التَّخْفِيفِ وَحَذْفِ الْهَاءِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

قَوْلُهُ: (نَوْلَهْ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ مَا يُنَالُ وَيَحْصُلُ مِنْهُ وَهُوَ الْحَرِيرُ.

قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ فَائِدَتِهِ) وَهِيَ الْحَرِيرُ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ إلَّا بِتَجْفِيفِهِ. قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِمَا فِيهِ رَوْحٌ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ التَّقْيِيدُ بِذِي الرَّوْحِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا فِيهِ رَوْحٌ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَا رَوْحَ فِيهِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا. قَوْلَهُ: بِمَا فِيهِ رَوْحٌ أَيْ الْمَفْهُومُ مِمَّا سَبَقَ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا سَبَقَ فِي ذِي الرَّوْحِ فَهُوَ مَفْهُومٌ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ.

قَوْلُهُ: (كَقَنَاةٍ وَدَارٍ) أَيْ وَزَرْعٍ وَثِمَارٍ فَلَا يَجِبُ سَقْيُهَا وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ إضَاعَةَ الْمَالِ حَرَامٌ، لِأَنَّ مَحِلَّهُ إذَا كَانَ سَبَبُهَا فِعْلًا دُونَ مَا إذَا كَانَ تَرْكًا كَمَا هُنَا. فَالْحَاصِلُ أَنَّ تَلَفَ الْمَالِ بِالتَّرْكِ جَائِزٌ كَتَرْكِ الْأَشْجَارِ بِلَا سَقْيٍ وَالدَّارِ بِلَا عِمَارَةٍ، وَبِالْفِعْلِ لَا يَجُوزُ كَرَمْيِ دِرْهَمٍ مَثَلًا بِلَا غَرَضٍ. اهـ. م د.

[فَصْلٌ فِي النَّفَقَةِ]

ِ قَوْلُهُ: (فِي النَّفَقَةِ) فِيهِ أَنَّ الْفَصْلَ مَعْقُودٌ لِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ خَاصَّةً وَالشَّارِحُ جَعَلَهُ عَامًّا. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَهَا إلَخْ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>