للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَشَرَائِطُ التَّيَمُّمِ) جَمْعُ شَرِيطَةٍ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (خَمْسَةُ أَشْيَاءَ) كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَالْمَعْدُودُ فِي كَلَامِهِ سِتَّةٌ كَمَا سَتَعْرِفُهُ: الشَّيْءُ الْأَوَّلُ (وُجُودُ الْعُذْرِ) هُوَ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ؛ وَلِلْعَجْزِ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ: أَحَدُهَا: فَقْدُهُ (بِ) سَبَبِ (سَفَرٍ) وَلِلْمُسَافِرِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: الْحَالَةُ الْأُولَى: أَنْ يَتَيَقَّنَ عَدَمَ الْمَاءِ فَيَتَيَمَّمُ حِينَئِذٍ بِلَا طَلَبٍ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَمْ لَا.

وَفَقْدُهُ فِي السَّفَرِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ. الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَتَيَقَّنَ الْعَدَمَ، بَلْ جَوَّزَ وُجُودَهُ وَعَدَمَهُ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ فِي الْوَقْتِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ، وَلَوْ بِمَأْذُونِهِ مِمَّا جَوَّزَهُ فِيهِ مِنْ رَحْلِهِ وَرُفْقَتِهِ الْمَنْسُوبِينَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

[شَرَائِطُ التَّيَمُّمِ]

قَوْلُهُ: (وَشَرَائِطُ التَّيَمُّمِ) أَيْ شَرَائِطُ صِحَّتِهِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا شَرْطٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ دُخُولُ الْوَقْتِ وَالْبَقِيَّةُ أَسْبَابٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ السَّبَبُ الثَّانِي. وَيُجَابُ: بِأَنَّهُ غَلَّبَ الْأَقَلَّ عَلَى الْأَكْثَرِ وَأَطْلَقَ عَلَى الْجَمِيعِ شَرَائِطَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ شَيْئَانِ. شَرْطٌ وَهُوَ الْوَقْتُ وَسَبَبٌ وَهُوَ الْعُذْرُ الَّذِي هُوَ الْفَقْدُ لِلْمَاءِ وَهَذَا السَّبَبُ لَهُ أَسْبَابٌ ثَلَاثَةٌ.

قَوْلُهُ: (جَمْعُ شَرِيطَةٍ) بِمَعْنَى مَشْرُوطَةٍ.

قَوْلُهُ: (كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ) وَفِي بَعْضِهَا إبْدَالُ أَشْيَاءَ بِخِصَالٍ. فَالتَّعْبِيرُ بِالْخَمْسِ فِي كُلٍّ مِنْ النُّسْخَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (سِتَّةٌ) بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِهِ الْإِعْوَازَ بِالِاحْتِيَاجِ، فَيَكُونُ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا، وَجَعَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ مِنْ تَتِمَّةِ الثَّالِثِ وَهُوَ الطَّلَبُ بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِهِ بِفَقْدِ الْمَاءِ فَرَاجِعْهُ، وَبِعِبَارَةِ قَوْلِهِ: وَالْمَعْدُودُ فِي كَلَامِهِ سِتَّةٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِعْوَازَهُ بَعْدَ الطَّلَبِ دَاخِلٌ فِي الَّذِي قَبْلَهُ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ: وَالتُّرَابُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْخَمْسَةِ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ) وَعَدَّهَا فِي الرَّوْضَةِ سَبْعَةً وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

يَا سَائِلِي أَسْبَابَ حِلِّ تَيَمُّمٍ ... هِيَ سَبْعَةٌ بِسَمَاعِهَا تَرْتَاحُ

فَقْدٌ وَخَوْفُ حَاجَةٍ إضْلَالُهُ ... مَرَضٌ يَشُقُّ جَبِيرَةٌ وَجِرَاحُ

قَوْلُهُ: (سَفَرٌ) أَرَادَ بِهِ لَازِمَهُ غَالِبًا مِنْ فَقْدِ الْمَاءِ وَالْفَقْدُ إمَّا حِسِّيٌّ أَوْ شَرْعِيٌّ ع ش. قَوْلُهُ: (وَلِلْمُسَافِرِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلِلْفَاقِدِ إلَخْ. كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَمْ لَا.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَتَيَقَّنَ عَدَمَ الْمَاءِ) وَلَوْ بِخَبَرِ عَدْلٍ أَيْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ طَلَبُهُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ عَدْلَ رِوَايَةٍ أَفَادَ إخْبَارُهُ الظَّنَّ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ تَرَدُّدٌ لَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ بِمُجَرَّدِهِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ حَصَلَ فِي نَفْسِهِ ظَنٌّ غَيْرُ مُسْتَنِدٍ لِشَيْءٍ فَلَا أُقِرُّ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِطْفِيحِيُّ، وَمِنْ الْفَقْدِ أَيْ الشَّرْعِيِّ خَوْفُ غَرَقٍ لِمَنْ فِي سَفِينَةٍ، وَتَأْخِيرُ نَوْبَةِ مُزْدَحِمِينَ عَلَى نَحْوِ بِئْرٍ، وَحَيْلُولَةُ نَحْوِ سَبْعٍ، وَتَخَلُّفٌ عَنْ رُفْقَةٍ، وَلَوْ عَلِمَ ذُو النَّوْبَةِ مِنْ مُزْدَحِمِينَ عَلَى نَحْوِ بِئْرٍ أَوْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَوْ مَحَلِّ صَلَاةٍ أَنَّهَا لَا تَنْتَهِي إلَيْهِ النَّوْبَةُ، إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ صَلَّى فِيهِ أَيْ فِي الْوَقْتِ بِلَا إعَادَةٍ، وَلَا تَلْزَمُهُ النَّقْلَةُ عَنْ مَحَلِّهِ إلَى مَحَلٍّ لَيْسَ فِيهِ مَاءٌ أَصْلًا لِيَكُونَ فَاقِدًا لَهُ حِسًّا ز ي. قَوْلُهُ: (بِلَا طَلَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ، وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ ح ل.

قَوْلُهُ: (إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّلَبِ. قَوْلُهُ: (وَفَقْدُهُ فِي السَّفَرِ) أَيْ وَتَقْيِيدُ فَقْدِهِ بِالسَّفَرِ جَرْيٌ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَتَيَقَّنَ الْعَدَمَ) هَذَا صَادِقٌ بِتَيَقُّنِ الْوُجُودِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فَلِذَا عَقَّبَهُ بِمَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ فِي الْوَقْتِ) أَيْ لِكُلِّ تَيَمُّمٍ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ الْعَدَمَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ اهـ م ر.

قَوْلُهُ: (طَلَبُهُ فِي الْوَقْتِ) لِحُصُولِ الضَّرُورَةِ لِلتُّرَابِ حِينَئِذٍ، فَلَوْ طَلَبَ شَاكًّا فِيهِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ صَادَفَهُ. قَالَ ق ل: وَلَا يَجِبُ الطَّلَبُ قَبْلَهُ وَإِنْ عَلِمَ اسْتِغْرَاقَ الْوَقْتِ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر. وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ فِي شَرْحِهِ وَفَارَقَ السَّعْيَ إلَى الْجُمُعَةِ حَيْثُ يُطْلَبُ قَبْلَ الْوَقْتِ بِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ بِخِلَافِهَا، وَبِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ، وَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ قَطَعَ الطَّلَبَ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى، نَعَمْ لَوْ طَلَبَ قَبْلَ الْوَقْتِ لِعَطَشٍ، أَوْ فَائِتَةٍ كَفَى وَخَرَجَ بِالطَّلَبِ الْإِذْنُ فِيهِ قَبْلَ الْوَقْتِ فَيَجُوزُ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِمَأْذُونِهِ) أَيْ الثِّقَةِ فَخَرَجَ الْفَاسِقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ، وَخَرَجَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ إذَا طَلَبَهُ لَهُ. وَفِي حَاشِيَةِ ز ي بِمَأْذُونِهِ الثِّقَةُ أَيْ وَلَوْ وَاحِدًا عَنْ جَمْعٍ، فَلَوْ بَعَثَ النَّازِلُونَ ثِقَةً يَطْلُبُ لَهُمْ كَفَى اهـ. قَوْلُهُ: (مِنْ رَحْلِهِ) بَيَانٌ لِمَا، وَرَحْلُ الشَّخْصِ مَسْكَنُهُ مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ وَبَرٍ، وَيُجْمَعُ فِي الْكَثْرَةِ عَلَى رِحَالٍ، وَفِي الْقِلَّةِ عَلَى أَرْحُلٍ أَيْ: بِأَنْ يُفَتِّشَ فِيهِ ثُمَّ إطْلَاقُ الطَّلَبِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّفْتِيشِ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

الْمُتَبَادِرُ إلَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ، وَأَنَّ الطَّلَبَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ التَّفْتِيشِ

<<  <  ج: ص:  >  >>