للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ.

تَتِمَّةٌ: يُنْدَبُ إدَامَةُ الْوُضُوءِ، وَيُسَنُّ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ سَمَاعِهِ أَوْ الْحَدِيثِ أَوْ سَمَاعِهِ أَوْ رِوَايَتِهِ أَوْ حَمْلِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ إذَا كَانَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ أَوْ الْحَدِيثِ أَوْ الْفِقْهِ وَكِتَابَتِهِمَا، وَلِقِرَاءَةِ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ إقْرَائِهِ، وَلِأَذَانٍ وَجُلُوسٍ فِي مَسْجِدٍ أَوْ دُخُولِهِ، وَلِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَلِلسَّعْيِ، وَلِزِيَارَةِ قَبْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ غَيْرِهِ وَلِنَوْمٍ أَوْ يَقِظَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ) وَلَوْ مُجَدَّدًا. وَالْمُرَادُ بِالْعَقِبِ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ لَا يَطُولَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَا تُنْسَبُ الصَّلَاةُ إلَيْهِ عُرْفًا، وَبَحَثَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ امْتِدَادَ وَقْتِهَا مَا بَقِيَ الْوُضُوءُ، وَحُمِلَ قَوْلُهُمْ عَقِبَهُ عَلَى سَنِّ الْمُبَادَرَةِ لَا أَنَّ الْوَقْتَ مُنْحَصِرٌ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ مَا قُلْنَاهُ. وَفِي ع ش عَلَى م ر: وَهَلْ تَفُوتُ سُنَّةُ الْوُضُوءِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، أَوْ بِالْحَدَثِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا؟ احْتِمَالَاتٌ. أَوْجَهُهَا ثَالِثُهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي رَوْضِهِ، وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ تَوَضَّأَ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَهُ. اهـ. وَيَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [النساء: ٦٤] إلَى {رَحِيمًا} [النساء: ٦٤] وَفِي الثَّانِيَةِ {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} [النساء: ١١٠] إلَى {رَحِيمًا} [النساء: ١١٠] وَمِثْلُهُ الْغُسْلُ وَالتَّيَمُّمُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

[تَتِمَّةٌ يُنْدَبُ إدَامَةُ الْوُضُوءِ]

قَوْلُهُ: (يُنْدَبُ إدَامَةُ الْوُضُوءِ) لِمَا قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «يَا مُوسَى إذَا أَصَابَتْك مُصِيبَةٌ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلَا تَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَك» وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «دُمْ عَلَى طَهَارَةٍ يُوَسَّعُ عَلَيْك الرِّزْقُ» ذَكَرَهُ سَيِّدِي مُصْطَفَى الْبَكْرِيُّ فِي الْوَصِيَّةِ الْجَلِيَّةِ فِي طَرِيقِ الْخَلْوَتِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ) جُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُسَنُّ فِيهَا الْوُضُوءُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ. قَالَ فِي مَتْنِ الْعُبَابِ: وَهُوَ سُنَّةٌ فِي أَرْبَعِينَ مَحَلًّا، وَفِي جَمِيعِهَا يَأْتِي بِنِيَّةٍ مِنْ نِيَّاتِ الْوُضُوءِ، وَلَا يَكْفِي نِيَّةُ السَّبَبِ عَنْهَا كَأَنْ نَوَى الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِخِلَافِ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ، فَإِنَّهَا تَصِحُّ نِيَّةُ أَسْبَابِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ مُعْظَمَ مَقْصُودِهَا النَّظَافَةُ وَمَقْصُودُ هَذِهِ الْعِبَادَةِ ذَكَرَهُ الرَّحْمَانِيُّ. وَإِذَا تَوَضَّأَ بِنِيَّةِ سُجُودِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْفَرْضَ وَلَوْ تَوَضَّأَ بِنِيَّةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَاللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْفَرْضَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تُشْتَرَطُ لِلْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، فَإِنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ الطَّهَارَةَ، فَلِهَذَا جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْفَرِيضَةَ كَمَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ.

قَالَ فِي الْخَصَائِصِ وَشَرْحِهَا: وَيُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ وَكَذَا الْوُضُوءُ لِقِرَاءَةِ حَدِيثٍ، وَرِوَايَتُهُ، وَإِسْمَاعُهُ وَالطِّيبُ أَيْ التَّطَيُّبُ لِذَلِكَ، وَلَا تُرْفَعُ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ الْأَصْوَاتُ وَيُقْرَأُ عَلَى كُلِّ مَكَان عَالٍ أَدَبًا، وَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا لِقَارِئِهِ أَنْ يَقُومَ لِأَحَدٍ حَالَ قِرَاءَتِهِ، وَإِنْ كَانَ عَظِيمًا وَمُسْتَمِعُهُ كَذَلِكَ، وَكَانَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا أَرَادَ الْجُلُوسَ لِلْحَدِيثِ اغْتَسَلَ وَتَطَيَّبَ وَلَبِسَ ثِيَابًا جُدُدًا وَتَعَمَّمَ وَقَعَدَ عَلَى مِنَصَّةٍ بِخُشُوعٍ وَخُضُوعٍ وَوَقَارٍ، وَيُبَخِّرُ الْمَجْلِسَ بِعُودٍ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى فَرَاغِهِ أَدَبًا مَعَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَلَغَ مِنْ تَعْظِيمِهِ أَنَّهُ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ وَهُوَ يُحَدِّثُ سِتَّ عَشْرَةَ مَرَّةً فَصَارَ يَصْفَرَّ وَيَتَلَوَّى حَتَّى فَرَغَ الْمَجْلِسُ وَقَالَ: صَبَرْت إجْلَالًا لِلْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَوْلُهُ: (وَلِقِرَاءَةِ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ) هُوَ التَّفْسِيرُ وَالْفِقْهُ وَالْحَدِيثُ، وَأَمَّا غَيْرُ الشَّرْعِيِّ فَلَا يُطْلَبُ لَهُ ذَلِكَ. قَوْله: (وَلِنَوْمٍ) أَيْ لِيَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ، فَرُبَّمَا قُبِضَتْ رُوحُهُ. وَقَوْلُهُ: (أَوْ يَقِظَةٍ) أَيْ عِنْدَ اسْتِيقَاظِهِ لِمَا قِيلَ: " إنَّ الشَّيْطَانَ يَعْقِدُ عَلَى قَفَا رَأْسِ النَّائِمِ ثَلَاثَ عُقَدٍ وَيَقُولُ نَمْ لَيْلًا طَوِيلًا، فَإِذَا قَامَ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ ثَانِيَةٌ، فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتْ الثَّالِثَةُ " اهـ. م ر.

وَقَوْلُهُ: لَمَّا قِيلَ إنَّ الشَّيْطَانَ إلَخْ. هُوَ حَدِيثٌ مَذْكُورٌ فِي الْبُخَارِيِّ وَلَفْظُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>