للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ: فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ

وَتُسَمَّى أَيْضًا كَفَالَةَ الْوَجْهِ وَهِيَ بِفَتْحِ الْكَافِ اسْمٌ لِضَمَانِ الْإِحْضَارِ دُونَ الْمَالِ وَالْكَفَالَةُ بِالْبَدَنِ أَيْ بِبَدَنِ مَنْ يَسْتَحِقُّ حُضُورُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ عِنْدَ الِاسْتِدْعَاءِ جَائِزَةٌ إذَا كَانَ لِلْمَكْفُولِ بِهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَاسْتُؤْنِسَ لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} [يوسف: ٦٦] بِخِلَافِ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا تَصِحُّ كَفَالَةُ بَدَنِ مَنْ ذُكِرَ بِإِذْنِهِ وَلَوْ بِنَائِبِهِ وَلَوْ كَانَ مَنْ ذُكِرَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ مَحْبُوسًا وَإِنْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْغَرَضِ فِي الْحَالِ أَوْ مَيِّتًا قَبْلَ دَفْنِهِ لِيَشْهَدَ عَلَى صُورَتِهِ إذَا تَحَمَّلَ الشَّاهِدُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَلَمْ يُعْرَفْ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَظْهَرُ اشْتِرَاطُ إذْنِ الْوَارِثِ إذَا اشْتَرَطْنَا إذْنَ الْمَكْفُولِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ فِيمَنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ إذْنُ وَلِيِّهِ فَإِنْ كَفَلَ بَدَنَ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ شَرَطَ لُزُومَهُ لَا عِلْمَ بِهِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ لِلْكَفِيلِ وَكَالْبَدَنِ الْجُزْءُ الشَّائِعُ كَثُلُثِهِ وَالْجُزْءُ الَّذِي لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ كَرَأْسِهِ ثُمَّ إنْ عَيَّنَ مَحِلَّ تَسْلِيمٍ فِي الْكَفَالَةِ فَذَاكَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَحِلُّهَا كَمَا فِي السَّلَمِ فِيهِمَا وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ فِي مَحِلِّ التَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ بِلَا حَائِلٍ كَتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ عَنْ الْكَفِيلِ فَإِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

[فَصْلٌ فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ]

قَوْلُهُ: (وَتُسَمَّى أَيْضًا كَفَالَةُ الْوَجْهِ) لَعَلَّ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَنَّى بِالْوَجْهِ عَنْ الذَّاتِ. قَوْلُهُ: (بِالْبَدَنِ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ، أَيْ كَفَالَةُ الْبَدَنِ أَيْ الْتِزَامُ إحْضَارِ الْبَدَنِ، أَوْ بِمَعْنَى اللَّامِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ اسْتِدْعَاءِ) أَيْ الطَّلَبِ، وَفِي نُسْخَةٍ: " الِاسْتِعْدَاءِ " أَيْ الطَّلَبِ مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى.

قَوْلُهُ: (جَائِزَةٌ) أَيْ صَحِيحَةٌ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ الْمَكْفُولِ وَالْمَكْفُولِ لَهُ وَتَعْيِينِ الْمَكْفُولِ رِضَاهُ أَوْ إذْنِ وَلِيِّهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ.

قَوْلُهُ: (إذَا كَانَ لِلْمَكْفُولِ) أَيْ عَلَيْهِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ.

قَوْلُهُ: (بِهِ) هَلَّا حَذَفَهَا لِأَنَّ الْمَعْنَى يَتِمُّ بِدُونِهَا.

قَوْلُهُ: (حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ مَالِيٌّ كَزَكَاةٍ وَفِي كَفَّارَةٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: بِخِلَافِ عُقُوبَةِ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ) وَلَوْ عُقُوبَةً كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَتَعْزِيرٍ، وَسَوَاءً كَانَ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا مَضْمُونَةً أَوْ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ.

قَوْلُهُ: (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) فِيهِ أَنَّهَا كَفَالَةُ بَدَنٍ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ عَلَى الْمَكْفُولِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَكْفُولِ حَقٌّ، وَأَيْضًا شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ: وَاسْتُؤْنِسَ.

قَوْلُهُ: (صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَحَقُّ إحْضَارُهُمَا لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى صُورَتِهِمَا فِي الْإِتْلَافِ وَغَيْرِهِ كَالْغَصْبِ، وَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ وَلِيَّهُمَا بِإِحْضَارِهِمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) أَيْ الْأَحَدِ، وَأَمَّا السَّفِيهُ الَّذِي يُرَادُ كَفَالَتُهُ فَإِنَّهُ إنْ خَلَا عَنْ تَفْوِيتِ مَالٍ فَيُعْتَبَرُ إذْنُهُ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِيهِ تَفْوِيتُ مَالٍ كَأَنْ احْتَاجَ إلَى مُؤْنَةِ سَفَرٍ لِإِحْضَارِهِ فَالْمُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ إذْنُ الْوَلِيِّ. وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ كَلَامَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ: اعْتِبَارُ إذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ اعْتِبَارُ إذْنِهِ، ذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ جَمَاعَةٌ وَإِلَى الثَّانِي جَمَاعَةٌ وَجُمِعَ بِمَا تَقَدَّمَ اهـ م ر.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ دَفْنِهِ) أَيْ وَضْعِهِ فِي الْقَبْرِ وَإِنْ لَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَمَحِلُّهُ قَبْلَ الدَّفْنِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي مُدَّةِ الْإِحْضَارِ ح ل.

قَوْلُهُ: (لِيَشْهَدَ عَلَى صُورَتِهِ) كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِ لِشَخْصٍ دَيْنٌ وَهُنَاكَ شُهُودٌ تَشْهَدُ عَلَى صُورَتِهِ وَلَمْ تَعْرِفْ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ، ثُمَّ مَاتَ فَأَرَادَ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَنْ يُحْضِرَهُ لِلْقَاضِي لِيَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى صُورَتِهِ خَوْفًا مِنْ ضَيَاعِ حَقِّهِ فَيَكْفُلُ الْمَيِّتَ شَخْصٌ، اهـ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (كَذَلِكَ) أَيْ عَلَى صُورَتِهِ.

قَوْلُهُ: (إذْنِ الْوَارِثِ) أَيْ كُلُّ الْوَرَثَةِ.

قَوْلُهُ: (لُزُومُهُ) أَيْ الْمَالِ وَقَوْلُهُ لَا عِلْمَ بِهِ أَيْ الْمَالِ.

قَوْلُهُ: (وَكَالْبَدَنِ إلَخْ) تَكْمِيلٌ لِلْمَتْنِ، وَهَذَا فِي الْحَيِّ أَمَّا الْمَيِّتُ فَلَا بُدَّ مِنْ كَفَالَتِهِ كُلِّهِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ عَيَّنَ إلَخْ) أَيْ وَالتَّعْيِينُ وَاجِبٌ إنْ لَمْ يَصْلُحْ مَكَانُهَا لِلتَّسْلِيمِ وَإِلَّا فَجَائِزٌ وَيَتَعَيَّنُ الْمُعَيَّنُ، وَمَحِلُّهُ إذَا كَانَ الْمَحِلُّ صَالِحًا وَإِلَّا تَعَيَّنَ أَقْرَبُ الْمُحَالِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا تَعَيَّنَ) أَيْ إنْ صَلَحَ ق ل. قَوْلُهُ: (بِلَا حَائِلٍ) كَمُتَغَلِّبٍ يَمْنَعُ الْمَكْفُولَ لَهُ مِنْ التَّسْلِيمِ، فَمَعَ وُجُودِهِ لَا يَبْرَأُ

<<  <  ج: ص:  >  >>