مِفْتَاحِ الدَّارِ إلَى الْمُكْتَرِي إذَا سَلَّمَهَا إلَيْهِ لِتَوَقُّفِ الِانْتِفَاعِ عَلَيْهِ، وَإِذَا تَسَلَّمَهُ الْمُكْتَرِي فَهُوَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ فَلَا يَضْمَنُهُ بِلَا تَفْرِيطٍ وَهَذَا فِي مِفْتَاحِ غَلْقٍ مُثَبِّتٍ. أَمَّا الْقُفْلُ الْمَنْقُولُ وَمِفْتَاحُهُ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُكْتَرِي وَإِنْ اُعْتِيدَ، وَعِمَارَتُهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ سَوَاءٌ أَقَارَنَ الْخَلَلُ الْعَقْدَ كَدَارٍ لَا بَابَ لَهَا أَمْ عَرَضَ لَهَا دَوَامًا، فَإِنْ بَادَرَ وَأَصْلَحَهَا فَذَاكَ وَإِلَّا فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ وَرَفْعُ الثَّلْجِ عَنْ السَّطْحِ فِي دَوَامِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّهُ كَعِمَارَةِ الدَّارِ وَتَنْظِيفِ عَرْصَةِ الدَّارِ مِنْ ثَلْجٍ وَكُنَاسَةٍ عَلَى الْمُكْتَرِي إنْ حَصَلَا فِي دَوَامِ الْمُدَّةِ، فَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ أُجْبِرَ عَلَى نَقْلِ الْكُنَاسَةِ دُونَ الثَّلْجِ. وَلَوْ كَانَ التُّرَابُ أَوْ الرَّمَادُ أَوْ الثَّلْجُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ كَانَتْ إزَالَتُهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ إذْ يَحْصُلُ بِهِ التَّسْلِيمُ التَّامُّ.
فَصْلٌ: فِي الْجَعَالَةِ وَجِيمُهَا مُثَلَّثَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَهُوَ لُغَةً اسْمٌ لِمَا يُجْعَلُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ وَشَرْعًا الْتِزَامُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ عَسُرَ عِلْمُهُ، وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ كَصَاحِبِ التَّنْبِيهِ وَالْغَزَالِيِّ وَتَبِعَهُمْ فِي الرَّوْضَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ أَوْ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ، بَلْ إنَّهُ إنْ تَرَكَهُ ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ بَادَرَ إلَخْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَهَذَا فِي مِفْتَاحِ غَلْقٍ) كَالضَّبَّةِ، قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: أَغْلَقْت الْبَابَ بِالْهَمْزِ أَوْثَقْته بِالْغَلْقِ، وَغَلَّقْته بِالتَّشْدِيدِ مُبَالَغَةٌ وَتَكْثِيرٌ وَغَلَقَهُ غَلْقًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَسْتَحِقُّهُ) أَيْ تَسْلِيمَهُمَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَادَرَ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ اهـ م د.
قَوْلُهُ: (وَأَصْلَحَهَا) أَيْ فَذَاكَ ظَاهِرٌ، فَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ كَمَا قَالَهُ الْمَرْحُومِيُّ، أَوْ التَّقْدِيرُ: فَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَمَا بَعْدَهُ. فَرْعٌ: لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ عَلَى مَتَاعِ الْمُسْتَأْجِرِ وَجَبَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ التَّنْحِيَةُ سم، أَيْ وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْ الْأَمْتِعَةِ التَّالِفَةِ وَإِنْ وَعَدَهُ بِالْإِصْلَاحِ؛ لِأَنَّا لَمْ نُوجِبْ عَلَيْهِ الْإِصْلَاحَ وَقَدْ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (عَنْ السَّطْحِ) أَيْ سَطْحٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَجَمَلُونٍ، كَأَنْ كَانَ عَقْدًا بِطُوبٍ.
قَوْلُهُ: (وَتَنْظِيفُ عَرْصَةِ الدَّارِ) الْعَرْصَةُ كُلُّ بُقْعَةٍ بَيْنَ الدُّورِ لَا بِنَاءَ فِيهَا، وَجَمْعُهَا عِرَاصٌ وَعَرَصَاتٌ.
قَوْلُهُ: (مِنْ ثَلْجٍ وَكُنَاسَةٍ) أَمَّا الْكُنَاسَةُ وَهِيَ مَا يَسْقُطُ مِنْ الْقُشُورِ وَالطَّعَامِ وَنَحْوِهِمَا فَلِحُصُولِهَا بِفِعْلِهِ، وَأَمَّا الثَّلْجُ فَلِلتَّسَامُحِ بِنَقْلِهِ؛ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِيهِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ نَقْلُهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ شَرْحِ الْمَنْهَجِ؛ فَإِذَا تَرَكَ لَك الْمُؤَجِّرُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُكْتَرِي.
قَوْلُهُ: (دُونَ الثَّلْجِ) وَمِثْلُهُ تَفْرِيغُ الْحُشِّ فَهُوَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ ق ل. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكُنَاسَةِ وَالثَّلْجِ أَنَّ الْكُنَاسَةَ يُعْتَادُ نَقْلُهَا شَيْئًا فَشَيْئًا بِخِلَافِ الثَّلْجِ.
فَرْعٌ: لَوْ امْتَلَأَ الْحُشُّ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ هَلْ يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ تَفْرِيغُ الْجَمِيعِ أَوْ تَفْرِيغُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَقَطْ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي؛ وَعَلَيْهِ لَوْ تَضَرَّرَ الْمُكْتَرِي وَأَوْلَادُهُ بِرَائِحَةِ الْبَاقِي مِنْ الْحُشِّ هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ لَا؟ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِلَّا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ اهـ ع ش عَلَى م ر مَعَ تَصَرُّفٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ التُّرَابُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ إنْ حَصَلَ فِي دَوَامِ الْمُدَّةِ. وَأَمَّا التُّرَابُ الْحَاصِلُ مِنْ الرِّيَاحِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَلَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا.
[فَصْلٌ فِي الْجِعَالَةِ]
قَوْلُهُ: (وَجِيمُهَا مُثَلَّثَةٌ) وَفِيهَا لُغَتَانِ أُخْرَيَانِ جَعِيلَةٌ وَجَعَلٌ أج. وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ؛ لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ. قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: لِفَاعِلِ الْفِعَالِ، وَيَلِيهِ الْفَتْحُ ثُمَّ الضَّمُّ.
قَوْلُهُ: (ابْنُ مَالِكٍ) أَيْ وَغَيْرُهُ، وَاقْتَصَرَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى كَسْرِهَا سم.
قَوْلُهُ: (مَعْلُومٍ) فَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ أُرْضِيَك أَوْ نَحْوَهُ وَجَبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي، " وَمَعْلُومٍ " لَيْسَ بِقَيْدٍ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْعِلْجِ الْآتِيَةِ.
قَوْلُهُ: (عَسُرَ عِلْمُهُ) فَإِنْ سَهُلَ عِلْمُهُ اُشْتُرِطَ ضَبْطُهُ بِمَا يَأْتِي ضَبْطُهُ بِهِ كَمَا فِي بِنَاءِ الْحَائِطِ وَالْخِيَاطَةِ كَمَا