للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّلْبِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ، وَكَذَا سَائِرُ الْمَنَازِلِ وَإِنَّمَا يُعَصِّبُ الذَّكَرُ النَّازِلُ مِنْ أَوْلَادِ الِابْنِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ كَأُخْتِهِ وَبِنْتِ عَمِّهِ، وَيُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ كَبِنْتِ عَمِّ أَبِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ كَبِنْتَيْ صُلْبٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ لِأَنَّ لَهَا فَرْضًا اسْتَغْنَتْ بِهِ عَنْ تَعْصِيبِهِ، وَبَابُ الْفَرَائِضِ وَاسِعٌ وَقَدْ أُفْرِدَ بِالتَّأْلِيفِ. وَفِي هَذَا الْقَدْرِ كِفَايَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا الْمُخْتَصَرِ.

فَصْلٌ: فِي الْوَصِيَّةِ الشَّامِلَةِ لِلْإِيصَاءِ

وَهِيَ فِي اللُّغَةِ الْإِيصَالُ مِنْ وَصَى الشَّيْءَ بِكَذَا وَصَلَهُ بِهِ لِأَنَّ الْمُوصِيَ وَصَلَ خَيْرَ دُنْيَاهُ بِخَيْرِ عُقْبَاهُ وَشَرْعًا لَا بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ مُضَافٌ وَلَوْ تَقْدِيرًا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ وَلَا تَعْلِيقِ عِتْقٍ وَإِنْ الْتَحَقَا بِهَا حُكْمًا كَالتَّبَرُّعِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الزِّيَادَةُ لَا تَصِحُّ لِأَنَّ الَّذِي مَعَهُنَّ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَهُ أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يُعَصِّبُ) أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا أَخَذَ بِنْتَا الصُّلْبِ الثُّلُثَيْنِ.

[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ]

ِ ذَكَرَهَا عَقِبَ الْفَرَائِضِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَالرَّدَّ وَالْقَبُولَ وَثُلُثَ الْمَالِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الْآتِي م ر. وَذَكَرَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي التَّحْرِيرِ عَقِبَ الْحَوَالَةِ، وَمُنَاسَبَتُهَا لِلْحَوَالَةِ أَنَّ الْحَوَالَةَ تُحَوَّلُ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ وَالْوَصِيَّةَ تُحَوِّلُ الْمُوصَى بِهِ إلَى الْمُوصَى لَهُ، وَالشَّخْصُ لَهُ حَالَتَانِ حَالَةُ حَيَاةٍ وَحَالَةُ مَوْتٍ، فَالْحَوَالَةُ انْتِقَالٌ فِي الْحَيَاةِ وَالْوَصِيَّةُ انْتِقَالٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا مُطْلَقُ الِانْتِقَالِ اهـ.

فَائِدَةٌ: قَالَ الدَّمِيرِيُّ: رَأَيْت بِخَطِّ ابْنِ الصَّلَاحِ أَبِي عَمْرٍو أَنَّ مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ لَا يَتَكَلَّمُ فِي مُدَّةِ الْبَرْزَخِ وَأَنَّ الْأَمْوَاتَ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورِهِمْ سِوَاهُ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا بَالُ هَذَا فَيُقَالُ مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ اهـ وَيُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ وَاجِبَةٍ بِأَنْ نَذَرَهَا أَوْ خَرَجَ مَخْرَجَ الزَّجْرِ: قَوْلُهُ: (الشَّامِلَةِ لِلْإِيصَاءِ) أَيْ عَلَى الْأَوْلَادِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى أَرْبَعَةِ مَعَانٍ: عَلَى الْعَيْنِ وَعَلَى مُقَابِلِ الْإِيصَاءِ، وَتُعْرَفُ بِمَا فِي الشَّرْحِ، وَتُطْلَقُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْإِيصَاءَ وَتُعْرَفُ بِإِثْبَاتِ حَقٍّ بَعْدَ الْمَوْتِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ تَبَرُّعٌ أَوْ لَا وَتُطْلَقُ عَلَى الْإِيصَاءِ وَتُعْرَفُ بِأَنَّهَا إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ بَعْدَ الْمَوْتِ قَوْلُهُ: (مِنْ وَصَى) كَوَعَى يَعِي فَهُوَ بِالتَّخْفِيفِ وَمَنْ قَرَأَهُ بِالتَّشْدِيدِ فَقَدْ صَحَّفَهُ. اهـ. عَنَانِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُوصِيَ) كَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَهُ عَنْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّهُ تَوْجِيهٌ لِتَسْمِيَتِهِ وَصِيَّةً.

قَوْلُهُ: (وَصَلَ خَيْرَ دُنْيَاهُ) أَيْ الْخَيْرَ الْوَاقِعَ مِنْهُ فِي دُنْيَاهُ كَتَبَرُّعَاتِهِ الْمُنَجَّزَةِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَطَاعَاتِهِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: " بِخَيْرِ عُقْبَاهُ " أَيْ بِالْخَيْرِ الْوَاقِعِ مِنْهُ فِي عُقْبَاهُ أَيْ فِي آخِرَتِهِ أَيْ وَصَلَ الْقُرُبَاتِ الْمُنَجَّزَةَ الْوَاقِعَةَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا بِالْقُرَبِ الْمُعَلَّقَةِ بِمَوْتِهِ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَهُ، وَالْأَنْسَبُ أَنْ يُقَالَ: وَصَلَ خَيْرَ عُقْبَاهُ بِخَيْرِ دُنْيَاهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إيصَالُ الْمُتَأَخِّرِ بِالْمُتَقَدِّمِ ح ل مُلَخَّصًا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعِبَارَةَ مَقْلُوبَةٌ قَالَ بَعْضُهُمْ الْقَلْبُ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ؛ لِأَنَّ الْإِيصَالَ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ فَوَصْلُ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ كَوَصْلِ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَوْصُولٌ بِالْآخَرِ وَبَعْدَ ذَلِكَ الَّذِي بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ وَاقِعًا مِنْ الْمُوصِي فَكَيْفَ يُنْسَبُ إلَيْهِ أَنَّهُ وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ وَصَلَ مَا قَبْلَهُ بِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى وَصْلَ خَيْرِ دُنْيَاهُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي وَقَعَ مِنْ الْمُوصِي هُوَ اللَّفْظُ وَالصِّيغَةُ وَهُوَ خَيْرٌ اتَّصَلَ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ الطَّاعَاتِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْمُوصِي تَسَبَّبَ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِلَفْظِهِ الْمَذْكُورِ نُسِبَ إلَيْهِ مَا ذُكِرَ. وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ الْقَرِيبِ غَيْرِ الْوَارِثِ وَتَقْدِيمُ الْمَحْرَمِ مِنْهُمْ ثُمَّ ذَوِي رَضَاعٍ ثُمَّ ذَوِي وَلَاءٍ ثُمَّ جِوَارٍ، وَأَهْلُ الْخَيْرِ الْمُحْتَاجُونَ مِمَّنْ ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ.

قَوْلُهُ: (لَا بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ، فَلَا تَشْتَمِلُ عَلَى تَبَرُّعٍ كَالْإِيصَاءِ عَلَى أَطْفَالِهِ أَوْ الْإِيصَاءِ بِدَفْعِ أَعْيَانٍ لِمُلَّاكِهَا أَوْ بِقَضَاءِ الدُّيُونِ إذْ لَا تَبَرُّعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَتَعْرِيفُهَا بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ بَعْدَ الْمَوْتِ.

قَوْلُهُ: (مُضَافٌ) بِالرَّفْعِ نَعْتُ تَبَرُّعٍ وَبِالْجَرِّ نَعْتُ حَقٍّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>