التَّنْبِيهِ وَإِلَّا فَإِنْذَارُ الْأَعْمَى وَنَحْوِهِ وَاجِبٌ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْإِنْذَارُ إلَّا بِالْكَلَامِ أَوْ بِالْفِعْلِ الْمُبْطِلِ وَجَبَ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ.
(وَ) الْخَامِسُ (جَمِيعُ بَدَنِ) الْمَرْأَةِ (الْحُرَّةِ) وَلَوْ صَغِيرَةً مُمَيِّزَةً (عَوْرَةٌ) فِي الصَّلَاةِ (إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا) ظَهْرَهُمَا وَبَطْنَهُمَا مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْكُوعَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: هُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ. (وَالْأَمَةُ) وَلَوْ مُبَعَّضَةٌ (كَالرَّجُلِ) عَوْرَتُهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَأُلْحِقَتْ بِالرَّجُلِ بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ. فَائِدَةٌ: السُّرَّةُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُقْطَعُ مِنْ الْمَوْلُودِ وَالسِّرُّ مَا يُقْطَعُ مِنْ سُرَّتِهِ وَلَا يُقَالُ لَهُ سُرَّةٌ لِأَنَّ السُّرَّةَ لَا تُقْطَعُ كَمَا مَرَّ. تَنْبِيهٌ: الْخُنْثَى كَالْأُنْثَى رِقًّا وَحُرِّيَّةً، فَإِنْ اقْتَصَرَ الْخُنْثَى الْحُرُّ عَلَى سِتْرِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَفْقَهِ فِي الْمَجْمُوعِ لِلشَّكِّ فِي السِّتْرِ، وَصَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ الصِّحَّةَ، وَنَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَكَثِيرً الْقَطْعَ بِهِ لِلشَّكِّ فِي عَوْرَتِهِ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقَضَاءُ وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا لِلشَّكِّ حَالَ الصَّلَاةِ، وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ سَاتِرٌ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا شَرَعَ وَهُوَ سَاتِرٌ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَانْكَشَفَ مِنْهُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لِأَنَّ صَلَاتَهُ قَدْ انْعَقَدَتْ وَشَكَكْنَا فِي الْمُبْطِلِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَهَذَا الْحَمْلُ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّنَاقُضِ. .
فَصْلٌ: فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ كَمَا قَالَ (وَاَلَّذِي يُبْطِلُ الصَّلَاةَ) الْمُنْعَقِدَةَ أُمُورٌ الْمَذْكُورُ مِنْهَا هُنَا (أَحَدَ عَشَرَ شَيْئًا) الْأَوَّلُ: (الْكَلَامُ) أَيْ النُّطْقُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
سُنَّةً لِلرَّجُلِ وَالتَّصْفِيقَ سُنَّةً لِلْمَرْأَةِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّنْبِيهَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا وَأَنَّ إنْذَارَ الْأَعْمَى وَنَحْوِهِ وَاجِبٌ. وَيُجَابُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بَيَانَ حُكْمِ التَّنْبِيهِ بَلْ بَيَانُ حُكْمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا، أَيْ يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ تَنْبِيهُ الرَّجُلِ بِالتَّسْبِيحِ وَتَنْبِيهُهَا بِالتَّصْفِيقِ وَبَعْدَ ذَلِكَ التَّنْبِيهُ الْوَاقِعُ مِنْهُمَا نَفْسُهُ تَارَةً يُنْدَبُ أَوْ يَجِبُ أَوْ يُبَاحُ قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ الْمُرَادُ بَيَانَ التَّفْرِقَةِ بَلْ بَيَانَ حُكْمِ التَّنْبِيهِ، فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ إنْذَارَ الْأَعْمَى وَاجِبٌ فَحُذِفَ جَوَابُ الشَّرْطِ وَأُقِيمَ دَلِيلُهُ مَقَامَهُ.
قَوْلُهُ: (بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسَ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) إنَّمَا ذَكَرَ الرَّأْسَ لِأَنَّهَا مُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّدْرِ مِنْ الْأَمَةِ، لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَرَى أَنَّ عَوْرَةَ الْأَمَةِ فِي الصَّلَاةِ كَعَوْرَةِ الْحُرَّةِ وَتَزِيدُ عَلَيْهَا بِالرَّأْسِ فَتَكُونُ عَوْرَتُهَا فِي الصَّلَاةِ مَا عَدَا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَرَأْسَهَا قَوْلُهُ: (رِقًّا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْخُنْثَى الرَّقِيقَ لَا تَخْتَلِفُ عَوْرَتُهُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ قَوْلُهُ: (وَهَذَا الْحَمْلُ) هَلْ يُقَيَّدُ هَذَا الْحَمْلُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَّضِحْ بِالْأُنُوثَةِ أَوْ لَا؟ مَحَلُّ نَظَرٍ وَالظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ مُطْلَقًا. اهـ. م د قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا) وَجْهُ الْبُعْدِ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ دَخَلَ مُقْتَصِرًا عَلَى سَتْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، فَلَا يَتَأَتَّى الْحَمْلُ حِينَئِذٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ ضَعِيفٌ بَلْ الْمُعْتَمَدُ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَاعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ.
[فَصْلٌ فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ]
َ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا أَوْ جِنَازَةً، وَكَذَا سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ، وَلَمَّا كَانَ مَا قَبْلَهُ مُشْتَمِلًا عَلَى التَّصْفِيقِ وَهُوَ بِقَصْدِ اللَّعِبِ مُبْطِلًا ذَكَرَ هَذَا عَقِبَهُ لِلْمُنَاسَبَةِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُهُ: (وَاَلَّذِي يُبْطِلُ الصَّلَاةَ) أَيْ إنْ طَرَأَ بَعْدَ انْعِقَادِهَا فَإِنْ قَارَنَهَا مَنَعَ انْعِقَادَهَا، فَمُرَادُ الْمَتْنِ بِالْمُبْطِلِ مَا يَشْمَلُ مَنْعَ الِانْعِقَادِ لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمُنْعَقِدَةُ فَالْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الطَّارِئِ قَوْلُهُ: (أَحَدَ عَشَرَ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا قَوْلُهُ: (أَيْ النُّطْقُ) وَلَوْ مِنْ نَحْوِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ جِلْدٍ إنْ كَانَ نُطْقُ ذَلِكَ الْعُضْوِ اخْتِيَارِيًّا وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ صَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute