الْأُمِّ إلَى مَوَالِي الْجَدِّ أَيْضًا. فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ بَعْدَ الْجَدِّ انْجَرَّ الْوَلَاءُ مِنْ مَوَالِي الْجَدِّ إلَى مَوَالِي الْأَبِ لِأَنَّ الْجَدَّ إنَّمَا جَرَّهُ لِكَوْنِ الْأَبِ كَانَ رَقِيقًا فَإِذَا عَتَقَ كَانَ أَوْلَى بِالْجَرِّ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الْجَدِّ فِي النَّسَبِ وَلَوْ مَلَكَ هَذَا الْوَلَدُ الَّذِي وَلَاؤُهُ لِمَوَالِي أُمِّهِ أَبَاهُ جَرَّ وَلَاءَ إخْوَتِهِ لِأَبِيهِ مِنْ مَوَالِي أُمِّهِمْ إلَيْهِ وَلَا يَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَاءٌ، وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ أَوْ كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ وَأَخَذَ النُّجُومَ كَانَ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.
فَصْلٌ فِي التَّدْبِيرِ
وَهُوَ لُغَةً النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ وَشَرْعًا تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِالْمَوْتِ الَّذِي هُوَ دُبُرُ الْحَيَاةِ فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لَا وَصِيَّةٍ وَلِهَذَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى إعْتَاقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَفْظُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الدُّبُرِ لِأَنَّ الْمَوْتَ دُبُرُ الْحَيَاةِ وَكَانَ مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهُ الشَّرْعُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَجُلًا دَبَّرَ غُلَامًا لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَاعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَتَقْرِيرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ وَعَدَمُ إنْكَارِهِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ. (وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ) صِيغَةٌ وَمَالِكٌ وَمَحَلٌّ وَهُوَ الرَّقِيقُ وَشُرِطَ فِيهِ كَوْنُهُ رَقِيقًا غَيْرَ أُمِّ وَلَدٍ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْعِتْقَ بِجِهَةٍ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ. وَيُشْتَرَطُ فِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِهِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ وَهُوَ إمَّا صَرِيحٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ مِنْ مَوَالِي الْأَبِ.
قَوْلُهُ: (بَلْ يَكُونُ الْمِيرَاثُ لِبَيْتِ الْمَالِ) أَيْ لِعَدَمِ الْعَصَبَةِ، بِالْوَلَاءِ الْآنَ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ أُعْتِقَ الْجَدُّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ) أَيْ بِفَرْضِ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا وَإِلَّا فَفَرْضُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، أَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا اهـ أج.
قَوْلُهُ: (جَرَّ وَلَاءَ إخْوَتِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي الْإِخْوَةِ كَوْنُهُمْ أَشِقَّاءَ، بَلْ مَتَى كَانَ عَلَى إخْوَتِهِ وَلَاءٌ انْجَرَّ مِنْ مَوَالِيهِمْ إلَيْهِ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: انْجَرَّ وَلَاءُ إخْوَتِهِ لِأَبِيهِ مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ فَإِنَّ الْأُخُوَّةَ لِلْأَبِ تَصْدُقُ بِالْأُخُوَّةِ لِلْأَبِ وَلِلْأُمِّ، وَبِالْأُخُوَّةِ لِلْأَبِ وَحْدَهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَانْظُرْ أَيَّ فَائِدَةٍ فِي جَرِّ وَلَاءِ إخْوَتِهِ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَرِثُهُمْ بِالنَّسَبِ وَقَدْ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ الْمُعْتَقُ أُنْثَى. فَإِنَّ إرْثَهُ لَهُمْ بِالنَّسَبِ فَقَطْ النِّصْفُ فَرْضًا وَبِالْوَلَاءِ النِّصْفُ فَرْضًا بِالنَّسَبِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِالْوَلَاءِ تَعْصِيبًا. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) أَيْ إلَى هَذَا الْوَلَدِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهِ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا تَعَذَّرَ جَرُّهُ بَقِيَ مَوْضِعُهُ شَرْحُ الْبَهْجَةِ أَيْ فَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِي الْأُمِّ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: إنَّهُ يَصِيرُ كَحُرِّ الْأَصْلِ، وَلَا وَجْهَ لَهُ. اهـ. شَيْخُنَا. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ: وَعَلَيْهِ لَوْ مَاتَتْ إخْوَتُهُ وَرِثَهُمْ مَوَالِي أُمِّهِ لِأَنَّ لَهُمْ الْوَلَاءَ عَلَى هَذَا الْوَلَدِ الَّذِي لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى إخْوَتِهِ بِعِتْقِ أَبِيهِ.
[فَصْلٌ فِي التَّدْبِيرِ]
ِ أَيْ فِي الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ لُغَةً النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ) وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «التَّدْبِيرُ نِصْفُ الْمَعِيشَةِ» وَالتَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِ وَأَمَّا فِي حَقِّ الْبَارِي فَمَعْنَاهُ إبْرَامُ الْأَمْرِ وَتَنْفِيذُهُ وَقَضَاؤُهُ اهـ. مِنْ كِفَايَةِ الطَّالِبِ لِأَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيِّ.
قَوْلُهُ: (تَعَلُّقُ عِتْقٍ بِالْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِ السَّيِّدِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ صِفَةٍ قَبْلَهُ، لَا مَعَهُ وَلَا بَعْدَهُ. وَالْمُرَادُ: تَعْلِيقُ عِتْقٍ مِنْ مَالِكٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَنْهَجِ فَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ وَكَّلَ غَيْرَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالتَّعَالِيقُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهَا، كَمَا لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَالشَّوْبَرِيُّ. فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَزِيدَ لَفْظَ مِنْ مَالِكٍ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِالْقَوْلِ: كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ:
(وَلِهَذَا) أَيْ لِكَوْنِهِ تَعْلِيقَ عِتْقٍ قَوْلُهُ: لَا يَفْتَقِرُ إلَى إعْتَاقٍ أَيْ مِنْ الْوَرَثَةِ.
قَوْلُهُ: (دُبُرُ) بِضَمَّتَيْنِ. وَتُسَكَّنُ الْبَاءُ تَخْفِيفًا أَيْ عَقِبَ الْحَيَاةِ. قَوْلُهُ: (دَبَّرَ غُلَامًا) اسْمُ الْغُلَامِ يَعْقُوبُ وَالسَّيِّدِ أَبُو مَذْكُورٍ الْأَنْصَارِيُّ اهـ. أج. قَوْلُهُ: (فَبَاعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى الرَّجُلِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالنَّظَرِ فِي مَصَالِحِهِمْ بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَرْسَلَ ثَمَنَهُ إلَيْهِ. وَقَالَ: اقْضِ دَيْنَك، اهـ