للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ.

وَأَجَابَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ عَقَدَ لِذَلِكَ بَابًا فَقَالَ: بَابُ مَا رُوِيَ فِي قَوْلِ النَّاسِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فِي الْعِيدِ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك وَسَاقَ مَا ذُكِرَ مِنْ أَخْبَارٍ وَآثَارٍ ضَعِيفَةٍ لَكِنَّ مَجْمُوعَهَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَجُّ لِعُمُومِ التَّهْنِئَةِ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ يَنْدَفِعُ مِنْ نِقْمَةٍ بِمَشْرُوعِيَّةِ سُجُودِ الشُّكْرِ وَالتَّعْزِيَةِ، وَبِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ «كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ تَوْبَتِهِ لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنَّهُ لَمَّا بُشِّرَ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ وَمَضَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ إلَيْهِ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَهَنَّأَهُ» وَيُنْدَبُ إحْيَاءُ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ بِالْعِبَادَةِ وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِإِحْيَاءِ مُعْظَمِ اللَّيْلِ.

فَصْلٌ: فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ لِلشَّمْسِ وَالْخُسُوفِ لِلْقَمَرِ وَهَذَا هُوَ الْأَفْصَحُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَيُقَالُ فِيهِمَا كُسُوفَانِ وَخُسُوفَانِ قَالَ عُلَمَاءُ الْهَيْئَةِ: إنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ لَا حَقِيقَةَ لَهُ لِعَدَمِ تَغَيُّرِهَا فِي نَفْسِهَا لِاسْتِفَادَةِ ضَوْئِهَا مِنْ جِرْمِهَا، وَإِنَّمَا الْقَمَرُ يَحُولُ بِظُلْمَتِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا مَعَ بَقَاءِ نُورِهَا فَيُرَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

ذَلِكَ) أَيْ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (مَشْرُوعَةٌ) أَيْ مَسْنُونَةٌ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ م د.

قَوْلُهُ: (تَقَبَّلَ اللَّهُ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ هَذَا مِنْ التَّهْنِئَةِ، وَمِنْهُ: أَعَادَهُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِخَيْرٍ، وَالْمُرَادُ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْكُمْ صَلَاةَ الْعِيدِ وَالْأَضْحَى وَالْقِيَامِ. قَوْلُهُ: (وَسَاقَ مَا ذَكَرَ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَالتَّعْزِيَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا، مِنْ قَوْلِهِ بِمَا يَحْدُثُ. وَوَجْهُ الِاحْتِجَاجِ بِالتَّعْزِيَةِ عَلَى التَّهْنِئَةِ أَنَّهَا تُفْهَمُ بِطَرِيقِ الْمُقَايَسَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا سُنَّتْ التَّعْزِيَةُ عَلَى الْمُصِيبَةِ سُنَّتْ التَّهْنِئَةُ عَلَى السُّرُورِ.

قَوْلُهُ: (كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ) هُوَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الْخَزْرَجِيُّ، وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَأَنْزَلَ فِيهِمْ {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: ١١٨] الْآيَةُ، وَالثَّلَاثَةُ: كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَمَرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ،. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. خَاتِمَةٌ: اجْتِمَاعُ النَّاسِ بَعْدَ الْعَصْرِ لِلدُّعَاءِ كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ عَرَفَةَ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِهِ؛ وَكَرِهَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ، وَفَعَلَهُ الْحَسَنُ وَسَبَقَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، رَحْمَانِيٌّ. وَقَالَ الشَّيْخُ الطُّوخِيُّ بِحُرْمَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ الْآنَ. قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمِنْ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ الْمُنْكَرَةِ مَا يُفْعَلُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْبُلْدَانِ مِنْ إيقَادِ الْقَنَادِيلِ الْكَثِيرَةِ. الْعَظِيمَةِ السَّرَفِ فِي لَيَالٍ مَعْرُوفَةٍ مِنْ السَّنَةِ كَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ أَيْضًا مَا يُفْعَلُ فِي الْجَوَامِعِ مِنْ إيقَادِ الْقَنَادِيلِ وَتَرْكِهَا إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَتَرْتَفِعُ؛ وَهُوَ فِعْلُ الْيَهُودِ فِي كَنَائِسِهِمْ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيُّ. وَأَكْثَرُ مَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَهُوَ حَرَامٌ، وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ أَيْضًا وُقُودُ الشَّمْعِ الْكَثِيرِ لَيْلَةَ عَرَفَةَ بِمِنًى؛ وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ حَرَامٌ شَدِيدُ الْحُرْمَةِ اهـ. مِنْ أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ لِابْنِ عَبْدَانَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

ِ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ عَلَيْهَا صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا صَنَعَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي تَحْرِيرِهِ لِمُنَاسَبَةِ اشْتِرَاكِهَا مَعَ الْعِيدَيْنِ فِي الْكَيْفِيَّةِ، وَوَجْهُ ذِكْرِهَا عَقِبَ صَلَاةِ الْعِيدِ تَمَامُ مُشَابَهَتِهَا لَهَا بِخِلَافِ الْكُسُوفِ أَبْعَدَ الشَّبَهَ فِيهَا زِيَادَةُ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ، وَلِأَنَّ وَقْتَهَا أَيْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ الْمُخْتَارَ وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدِ اهـ. وَبِمَا ذُكِرَ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ صَلَاةَ الْكُسُوفَيْنِ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَكَمَا صَنَعَ فِي الْمَنْهَجِ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَيْهِ: وَإِنَّمَا قُدِّمَ الِاسْتِسْقَاءُ عَقِبَ الْعِيدِ لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ مِنْ طَلَبِ التَّكْبِيرِ فِيهَا وَإِنْ أُبْدِلَ فِي خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ بِالِاسْتِغْفَارِ اهـ.

قَوْلُهُ: (الْأَفْصَحُ) وَالْوَاقِعُ أَيْضًا لِأَنَّ الْكُسُوفَ السَّتْرُ وَالْخَسْفَ الذَّهَابُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. وَقَوْلُهُ " لَا حَقِيقَةَ لَهُ " أَيْ مِنْ حَيْثُ ذَهَابُ ضَوْئِهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَإِلَّا فَهُوَ يَسْتَتِرُ هُنَا حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً ق ل.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا الْقَمَرُ يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا إلَخْ) وَأَبْطَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>