للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَكِيلُ بِمَا غَرِمَهُ لِأَنَّهُ غَرَّهُ. وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضٍ مَا عَلَى زَيْدٍ لَمْ يَجِبْ دَفْعُهُ لَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِوَكَالَتِهِ إنْكَارُ الْمُوَكِّلِ لَهَا، وَلَكِنْ يَجُوزُ لَهُ دَفْعُهُ إنْ صَدَّقَهُ فِي دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ مُحِقٌّ عِنْدَهُ، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مُحْتَالٌ بِهِ أَوْ أَنَّهُ وَارِثٌ لَهُ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ مُوصًى لَهُ مِنْهُ وَصَدَّقَهُ وَجَبَ دَفْعُهُ لَهُ لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الْمَالِ إلَيْهِ.

فَصْلٌ: فِي الْإِقْرَارِ

وَهُوَ لُغَةً الْإِثْبَاتُ مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ أَيْ ثَبَتَ وَشَرْعًا إخْبَارُ الشَّخْصِ بِحَقٍّ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ فَدَعْوَى أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَشَهَادَةٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} [آل عمران: ٨١]

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ " يُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ الشَّكِيَّةِ الْمَعْلُومَةِ، وَهُوَ مَا لَوْ اشْتَكَى شَخْصٌ شَخْصًا لِذِي شَوْكَةٍ وَغَرَّمَهُ مَالًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الشَّاكِي، خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مُحْتَالٌ) فَإِنْ رَجَعَ أَيْ الْمُحِيلُ وَأَنْكَرَ الْحَوَالَةَ أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَا رُجُوعَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحْتَالِ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ لَهُ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَيْهِ، فَهُوَ أَيْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَظْلُومٌ بِإِنْكَارِ الْمُحِيلِ الْحَوَالَةَ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ وَهُوَ الْمُحِيلُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ وَارِثٌ لَهُ) أَيْ مُسْتَغْرِقٌ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الدَّفْعُ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُوصًى لَهُ) بِأَنْ قَالَ: مَاتَ فُلَانٌ وَلَهُ عِنْدَك كَذَا وَأَنَا وَصِيُّهُ أَوْ أَوْصَى لِي بِهِ، ز ي. وَقَوْلُهُ " مِنْهُ " أَيْ مِنْ زَيْدٍ الْمَيِّتِ، وَلَوْ قَالَ " بِهِ " لَكَانَ أَوْضَحَ.

قَوْلُهُ: (لِاعْتِرَافِهِ) فَلَوْ أَنْكَرَ الْمُحِيلُ الْحَوَالَةَ وَرَجَعَ عَلَى الدَّافِعِ لَيْسَ لِلدَّافِعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحْتَالِ لِأَنَّهُ مُصَدِّقٌ لَهُ بِأَنَّ مَا قَبَضَهُ صَارَ لَهُ بِالْحَوَالَةِ وَأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَلَمَهُ فِيمَا أَخَذَهُ كَمَا قَالَهُ س ل. وَبِقَوْلِ الشَّارِحِ " لِاعْتِرَافِهِ إلَخْ " حَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ إذَا صَدَّقَهُ وَلَا يَجِبُ.

١ -

فَرْعٌ: وَكَّلَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِمَا فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ، خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا مُقْبِضًا مِنْ نَفْسِهِ، سم. وَاعْتَمَدَ حَجّ فِي شَرْحِهِ مَا فِي الْأَنْوَارِ وَمَنَعَ كَوْنَهُ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ. وَقَوْلُ سم " لَمْ يَصِحَّ " أَيْ وَإِذَا فَعَلَ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمَدِينِ، ثُمَّ إنْ دَفَعَهُ لِلدَّائِنِ رَدَّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا رَدَّ بَدَلَهُ، اهـ ع ش عَلَى م ر.

[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ]

لَمَّا كَانَ الْإِقْرَارُ يُشْبِهُ الْوَكَالَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ قَبْلَ إقْرَارِهِ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِيمَا بِيَدِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَقَدْ عُزِلَ عَنْهُ بِإِقْرَارِهِ ذُكِرَ عَقِبَهَا، فَالْمُقَرُّ لَهُ شَبِيهٌ بِالْمُوَكِّلِ وَالْمُقِرُّ شَبِيهٌ بِالْوَكِيلِ وَالْمُقَرُّ بِهِ شَبِيهٌ بِالْمُوَكَّلِ فِيهِ. اهـ. وَهُوَ مَصْدَرُ أَقَرَّ، فَقَوْلُهُمْ مَأْخُوذٌ مِنْ " قَرَّ " بِمَعْنَى ثَبَتَ فِيهِ تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُشْتَقُّ مِنْ الْفِعْلِ. وَقَوْلُهُ: لُغَةً الْإِثْبَاتُ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ: مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ أَيْ ثَبَتَ، أَنْ يَقُولَ: وَهُوَ لُغَةً الثُّبُوتُ ق ل بِزِيَادَةٍ. وَيُجَابُ عَنْ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ " الْمُنَاسِبُ إلَخْ " بِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِعْلُ الْمُقِرِّ فَيُنَاسِبُ تَفْسِيرَهُ بِالْإِثْبَاتِ لَا الثُّبُوتِ، وَعَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَخْذُ لَا الِاشْتِقَاقُ، وَدَائِرَةُ الْأَخْذِ أَوْسَعُ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ اشْتِمَالُهُ عَلَى أَكْثَرِ الْحُرُوفِ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ جَمِيعِهَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ قَرَّ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمِنْ بَابِ تَعِبَ. قَوْلُهُ: (بِحَقٍّ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ عِنْدَهُ لِيَشْمَلَ الْعَيْنَ. قَوْلُهُ: (فَشَهَادَةٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلْزَامٌ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ إلْزَامٌ فَهُوَ حُكْمٌ. هَذَا إذَا كَانَ خَبَرًا خَاصًّا، فَإِنْ كَانَ عَامًّا فَإِنْ كَانَ عَنْ مَحْسُوسٍ فَرِوَايَةٌ، وَإِنْ كَانَ عَنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَفَتْوَى اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ " عَنْ مَحْسُوسٍ " كَمَا لَوْ أَخْبَرَ عَنْ حَرَمِ مَكَّةَ أَوْ عَنْ أَبْوَابِ الْحَرَمِ عِدَّتُهَا كَذَا.

قَوْلُهُ: قَوْله تَعَالَى {أَأَقْرَرْتُمْ} [آل عمران: ٨١] إلَخْ الْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>