للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَفَعَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَاسْتَرَدَّ مَا غَرِمَ. أَمَّا الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ فَلَهُ فِيهِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ، وَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ إذَا حَلَّ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ، وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ بِشِرَاءٍ شِرَاءُ مَعِيبٍ لِاقْتِضَاءِ الْإِطْلَاقِ عُرْفًا السَّلِيمَ وَلَهُ تَوْكِيلٌ بِلَا إذْنٍ فِيمَا لَمْ يَتَأَتَّ مِنْهُ لِكَوْنِهِ لَا يَلِيقُ بِهِ أَوْ كَوْنِهِ عَاجِزًا عَنْهُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ لِمِثْلِ هَذَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ عَيْنُهُ، فَلَا يُوَكِّلُ الْعَاجِزُ إلَّا فِي الْقَدْرِ الَّذِي عَجَزَ عَنْهُ، وَلَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلُ فِيمَا ذُكِرَ عَنْ نَفْسِهِ بَلْ عَنْ مُوَكِّلِهِ.

(وَلَا) يَجُوزُ لَهُ أَنْ (يُقِرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ) بِمَا يَلْزَمُهُ (إلَّا بِإِذْنِهِ) عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الْإِقْرَارِ مُطْلَقًا فَإِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: وَكَّلْتُك لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا فَيَقُولُ الْوَكِيلُ أَقْرَرْت عَنْهُ بِكَذَا أَوْ جَعَلْته مُقِرًّا بِكَذَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ فَلَا يَقْبَلُ التَّوْكِيلَ كَالشَّهَادَةِ، لَكِنَّ الْمُوَكِّلَ يَكُونُ مُقِرًّا بِالتَّوْكِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِإِشْعَارِهِ بِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا قَالَ: وَكَّلْتُك لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا كَمَا مَثَّلْته. فَلَوْ قَالَ: أُقِرُّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ لَهُ عَلَيَّ كَانَ إقْرَارًا قَطْعًا. وَلَوْ قَالَ: أُقِرُّ لَهُ عَلَيَّ بِأَلْفٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا قَطْعًا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ.

تَتِمَّةٌ: أَحْكَامُ عَقْدِ الْوَكِيلِ كَرُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَمُفَارَقَةِ مَجْلِسٍ وَتَقَابُضٍ فِيهِ تَتَعَلَّقُ بِهِ لَا بِالْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً، وَلِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ كَالْمُوَكِّلِ. بِثَمَنٍ إنْ قَبَضَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ، سَوَاءً اشْتَرَى بِعَيْنِهِ أَمْ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ لَمْ يُطَالِبْهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِيَدِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ طَالَبَهُ بِهِ إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِوَكَالَتِهِ بِأَنْ أَنْكَرَهَا أَوْ قَالَ لَا أَعْرِفُهَا، فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا طَالَبَ كُلًّا مِنْهُمَا بِهِ وَالْوَكِيلُ كَضَامِنٍ وَالْمُوَكِّلُ كَأَصِيلٍ، فَإِذَا غَرِمَ رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ تَلِفَ ثَمَنٌ قَبَضَهُ وَاسْتُحِقَّ مَبِيعٌ طَلَبَهُ مُشْتَرٍ بِبَدَلِ الثَّمَنِ سَوَاءً اعْتَرَفَ الْمُشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ أَمْ لَا، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَيَرْجِعُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُسَلِّمَ) مَنْصُوبٌ بِ " أَنْ " مُضْمَرَةٍ، وَهُوَ فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى الْقَبْضِ.

قَوْلُهُ: (ضَمِنَ قِيمَتَهُ) أَيْ لِلْحَيْلُولَةِ، سَوَاءً كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا. قَوْلُهُ: (وَاسْتَرَدَّ مَا غَرِمَ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ غَرَامَتَهَا لِلْحَيْلُولَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ إلَخْ) أَيْ لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ كَمَا سَيَأْتِي؛ فَإِنْ اشْتَرَاهُ جَاهِلًا بِالْعَيْبِ فَإِنْ رَضِيَ الْمُوَكِّلُ بِهِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنٍ مَالَ الْمُوَكِّلِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الشِّرَاءِ، وَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَوْنُهُ عَاجِزًا عَنْهُ) بِأَنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَاطِيهِ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا هُوَ وَاضِحٌ م ر اهـ ع ش. وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ كَوْنُهُ عَاجِزًا عَنْهُ، أَيْ حِينَ التَّوْكِيلِ؛ فَلَوْ طَرَأَ عَجْزُهُ لِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَكَانَ قَادِرًا عِنْدَ التَّوْكِيلِ لَمْ يُوَكَّلْ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ التَّفْوِيضَ لِمِثْلِ هَذَا) يُشْعِرُ بِعِلْمِ الْمُوَكِّلِ بِحَالِهِ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِحَالِهِ امْتَنَعَ التَّوْكِيلُ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مُوَكِّلِهِ) أَيْ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَمَحِلُّ الْخِلَافِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ يَكُونُ مُقِرًّا بِالتَّوْكِيلِ أَوْ لَا. وَقَوْلُهُ " لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ " حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إنْ أَتَى بِلَفْظِ " عَنِّي " مَعَ الْمُضَارِعِ كَانَ إقْرَارًا عَلَى الْأَصَحِّ، أَوْ مَعَ " عَلَيَّ " مَعَ الْأَمْرِ كَانَ إقْرَارًا قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِمَا أَوْ أَتَى بِ " عَلَيَّ " فَقَطْ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا قَطْعًا، تَأَمَّلْ سم.

قَوْلُهُ: (وَتَقَابَضَ فِيهِ) أَيْ حَيْثُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ كَمَا فِي الرِّبَوِيَّاتِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً) حَتَّى إنَّ لَهُ الْفَسْخَ بِالْخِيَارِ وَإِنْ أَجَازَ الْمُوَكِّلُ، لِكَوْنِ الْعَقْدِ مَعَهُ؛ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ) بِأَنْ كَانَ وَكِيلًا فِي الشِّرَاءِ.

قَوْلُهُ: (إنْ قَبَضَهُ) أَيْ قَبَضَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا) كَقَوْلِ الْوَكِيلِ لِلْبَائِعِ: اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الثَّوْبَ بِهَذَا الدِّينَارِ، وَكَانَ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ زي.

قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ) أَيْ الْبَائِعُ بِوَكَالَتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَلِفَ ثَمَنٌ قَبَضَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ.

قَوْلُهُ: (وَاسْتُحِقَّ مَبِيعٌ) أَيْ الَّذِي بَاعَهُ الْوَكِيلُ.

قَوْلُهُ: (إنْ صَدَّقَهُ) وَكَذَا إنْ كَذَّبَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ نَفْسِهِ، فَإِنْ حَضَرَ الْمُسْتَحِقُّ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، ز ي. ثُمَّ إنْ كَانَ الْحَقُّ عَيْنًا فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَخَذَهَا صَاحِبُهَا مِنْهُ، وَإِنْ تَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ رَجَعَ صَاحِبُ الْعَيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ غَرِمَ أَحَدُهُمَا لَا رُجُوعَ لِلْغَارِمِ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ، وَإِنْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِ الْقَابِضِ فَإِنْ غَرَّمَهُ الْمُسْتَحِقُّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ غَرِمَ الدَّافِعُ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ وَالْوَكِيلُ يَضْمَنُ بِالتَّفْرِيطِ وَالْمُسْتَحِقُّ ظَلَمَهُ بِأَخْذِ الْبَدَلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ دَيْنًا وَهُوَ بَاقٍ فِي يَدِ الْوَكِيلِ رَجَعَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْأَصِيلِ وَيَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ لَهُ بِالدَّيْنِ، اهـ. وَقَوْلُهُ " لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>